نقل الشيخ (أحمد معرفت) الواعظ المتقي الموالي لأهل البيت (عليهم السلام) فقال:
نقل أحد مراجع التقليد أن أحد علماء النجف الأشرف، وأحد شخصياتها العلمية الذي كان ملتزما بالذهاب كل أسبوع الى كربلاء، فكان في يوم الخميس -يوم عطلة الحوزة- يصلّي الصبح، ويسير مشياً على الاقدام عبر الطريق الصحراوية حتى يصل الى كربلاء فيزور سيد الشهداء (عليه السلام) ثم يعود.
فقيل له: لقد كبر سنُّك، ونَحِل جسدُك، وما زلت تذهب الى كربلاء سيراً على الاقدام في البرد والحر، فَلِمَ لا تستقل وسيلة للسفر؟
فقال: قبل أن أرى شيئاً كنت أذهب الى كربلاء سيراً على الاقدام، فهل من الممكن أن لا أذهب بعد أن رأيت أشياء...
فسئل: وماذا رأيت؟
فقال: في احدى السنوات كان الجو حاراً جداً في الصيف، صلّيت الصبح وكان دأبي أن آخذ معي بعض الماء والطعام وأربطهما برأس العصا وأضع العصا على كتفي وأسير.
خرجت من النجف مسافة، فعطشت وأردت أن أشرب فقلت لأصبر بعض الوقت فالماء قليل، فسرت لكن الجو كان حارا جدا والشمس تحرق رأسي، فلم أعد أحتمل العطش فهممت بالشرب لكن عندما نظرت في كوز الماء وجدته خاليا وقد تبخّر الماء منه ولم تعد فيه أي قطرة ماء، وأنا عطشان وفي وسط الصحراءـ ولم أعد أدري ما حصل لي، فأظلمّت عيناي وسقطتُ على الأرض مغشيّاً عليّ ولم أدري ما حصل لي إلا أنني أحسست بنسيم بارد يلفح وجهي، فتحت عيناي فرأيت بستاناً وأشجاراً وأنهاراً جارية...
ترى ما هذا المكان الجميل، وما هذه الاشجار والانهار، ومن هم اولئك البشر ذوي الوجوه الجميلة النيّرة؟
نهضت وكان الكوز ما يزال في يدي لكنه كان جافا ليس فيه ماء، فسألتُ السادة الموجودين ما اسم هذا المكان فلم أرَ مثله من قبل بين النجف وكربلاء؟
فقالوا: أشرب الآن لأنك عطشان، واملأ كوزك لأنه سينفعك، ثم سنقول لك أين أنت.
فشربتُ الماء وكان لذيذا، ثم ملأت كوزي وارتحت، فقلت لهم: والآن أخبروني ما هذا المكان؟
فقالوا لي: انه عالم البرزخ الخاص بزائري قبر الامام الحسين (عليه السلام) أي أولئك الذين فتحوا حسابا مع الحسين (عليه السلام) فهذا برزخهم.
وبينما أنا كذلك أحسستُ بالهواء الحار يلفحُ وجهي، فتحتُ عيني فوجدت نفسي في نفس الصحراء، وليس هناك أي أثر للأشجار والجنان، ووجدت كوز الماء مليئا من مياه ذلك العالم.
فبعد أن رأيتُ كل ذلك بعيني فهل أترك زيارة مولاي الإمام الحسين (عليه السلام)...
فيا من فتحتم لانفسكم حسابا مع الحسين (عليه السلام) أعرفوا قدركم وهنيئا لكم..
المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (69)، صفحة (30)