من كتب الشيعة:
لا اختلاف بين علماء الشيعة ومفسريهم ومؤرخيهم بأن النبي (صلى الله عليه وآله) أعطى فدكا للزهراء(عليها السلام) وقد ورد عن علي بن محمد بن عبد الله: (... إن الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه (صلى الله عليه وآله) فدكا وما والاها، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله) (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) فلم يَدْرِ رسول الله(صلى الله عليه وآله) مَنْ هُم، فراجع في ذلك جبرئيل (عليه السلام) وراجع جبرئيل (عليه السلام) ربه فأوحى الله إليه أن ادفع فدكا إلى فاطمة (عليها السلام)، فدعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها: يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدكاً، فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك. فلم يزل وكلاؤها فيها في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)...).[1]
وفي عيون الأخبار، قال الإمام علي الرضا (عليه السلام): فلما نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) ... قال النبي (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): هذه فدك هي مما[2] لم يوجف عليه بالخيل ولا ركاب وهي لي خاصه دون المسلمين وقد جعلتها لما أمرني الله تعالى به فخذيها لكِ ولولْدكِ...).[3]
من كتب العامة:
قال السيوطي[4]: أخرج البزار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري، قال: لما نزلت هذه الآية (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة فأعطاها فدكاً.
وأخرج بن مردويه عن بن عباس، قال: لما نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) أَقطَع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) فدكا.
قال الحاكم الحسكاني[5]: عن أبي سعيد قال: لما نزلت: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) فأعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) فدكاً.
وكذلك قول الله تعالى: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) خصوصية لهم خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الأمة، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): هذه فدك وهي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب وهي لي خاصة دون المسلمين، وقد جعلتها لك لما أمرني الله به فخذيها لك ولولدك.
ورواه الطبراني، وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال، وصححه المتقي في كنز العمال عن أبي سعيد قال: لما أنزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) قال النبي (صلى الله عليه وآله) يا فاطمة لك فدك، قال أخرجه الحاكم في تاريخه وابن النجار.[6]
قال ياقوت الحموي[7]: بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى أهل فدك وهو بخيبر أو منصرفه منه يدعوهم إلى الاسلام فأبوا. فلما فرغ رسول الله(صلى الله عليه وآله) من خيبر، قذف الله الرعب في قلوبهم فبعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصالحونه على النصف فقبل ذلك منهم.
قال أبو عبيد[8]: كان أهل فدك قد أرسلوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبايعوه على أن لهم رقابهم ونصف أرضيهم ونخلهم، ولرسول الله (صلى الله عليه وآله) شطر أراضيهم ونخلهم.
قال البلاذي[9]: كان نصف فدك خالصاً لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، لأنه لم يوجِف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب وكان يصرف ما يأتيه منها.
أقول: الملاحظ أن التعبير في فتوح البلدان مخالف لسائر التعابير المتقدمة، إذ الوارد فيما تقدم من أقوال الفريقين أن اليهود صالحوا النبي (صلى الله عليه وآله) على نصف أراضيهم، فكان من ضمن هذه الأراضي المصالح عليها فدك، أما تعبير الفتوح فهو أن ما كان للنبي (صلى الله عليه وآله) من أراضي اليهود هو نصف فدك، وهو كما ترى مخالف لقول المؤرخين من الفريقين، والظاهر أنه سهو بسبب ما عرفت من مصالحتهم على نصف أراضيهم فتوهم أن فدكا أيضا أعطي نصفها.
[1] الكافي: ج1، ص543، كما جاء ذكرها في كتاب كشف الغمة للإربلي، وذكرها العياشي في تفسيره، وغيرهم.
[2] في المصدر: مما هي.
[3] عيون أخبار الرضا: ج1، ص211.
[4] الدر المنثور: ج4، ص177.
[5] شواهد التنزيل: ج1، ص439.
[6] انظر فضائل الخمسة: ج3، ص136.
[7] معجم البلدان (مادة فدك).
[8] الأموال: ص9.
[9] فتوح البلدان: ج1، ص33.