لماذا نرى هنالك اختلافاً ظاهراً بين موقف الإمام الحسن (عليه السلام) الذي صالح فيه معاوية وبين موقف الإمام الحسين (عليه السلام) الذي خرج ثائراً؟
وجواب هذه الشبهة: إن عقيدتنا بموقف الإمام الحسن (عليه السلام) هو عين موقف الإمام الحسين(عليه السلام)، ولا تعارض ولا تنافٍ بين الموقفين إطلاقاً، بمعنى: لو تبدّل شخص الإمام الحسن(عليه السلام) بشخص الإمام الحسين(عليه السلام) لكان الموقف هو الموقف، والتكليف هو التكليف بالنسبة للإمام الحسن(عليه السلام) بالثورة ضد يزيد، أو بالنسبة للإمام الحسين(عليه السلام) بالصلح مع معاوية، وعلى أساس هذه العقيدة يتضح معنى قول رسول الله(صلى الله عليه وآله): «الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ إِمامانِ قَامَا أوْ قَعَدا»[1]، والإجابة على هذه الشبهة بحسب المقام:
1- إنّ الإمام الحسن (عليه السلام) قام بالثورة ضد معاوية، ولكن خانه أكثر قادته، وباعوا ضمائرهم لمعاوية بإزاء أموال ومناصب، حتى وصلت الخيانة ببعض المقربين للإمام الحسن (عليه السلام) كتب إلى معاوية رسائل سرية جاء فيها: إن شئت سلّمناك الحسن حيّاً، وإن شئت سلّمناه ميتاً! وهذا ما جعل إمامنا الحسن (عليه السلام) مضطراً للصلح مع معاوية.
2- إن شخصية معاوية تختلف عن شخصية يزيد، فمعاوية لم يكن يُشكِّلُ خَطَراً جِدّياً على الإسلام بمقدار ما كان يشكله يزيد؛ لان معاوية كان يحافظ على بعض المظاهر الإسلامية، بينما كان يزيد متجاهراً بالفسق والفجور، وشرب الخمور، وقتل النفس المحترمة، ولم يراعِ أيَّ شيء من المظاهر الإسلامية، وعليه فكان الصلح مع معاوية ممكنناً دون الصلح مع يزيد.
3- إنّ الإمام الحسن (عليه السلام) استشار الجموع الملتفة حوله في الظاهر، والمتخاذلة عنه في السر بقوله (عليه السلام): «أَلَا وَإِنَّ مُعَاوِيَةَ دَعَانَا لِأَمْرٍ لَيْسَ فِيهِ عِزٌّ وَلَا نَصَفَةٌ، فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْمَوْتَ رَدَدْنَاهُ عَلَيْهِ وَحَاكَمْنَاهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، بِظُبَى السُّيُوفِ، وَإِنْ أَرَدْتُمُ الْحَيَاةَ قَبِلْنَاهُ وَأَخَذْنَا لَكُمُ الرِّضَى»، فناداه الناس من كل جانب: البقية، البقية.
فساير (عليه السلام) قومه، واختار ما اختاروه من الصلح، فصالح كارهاً كما قبل أبوه (عليه السلام) التحكيم من قبل وهو كاره له[2].