بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.
إِن من الأَساسيات الحياتية التي تساعدك على النجاح دائماً هي إِثبات الذات في زحمة الظروف القاسية والأَحوال المتقلبة، ومحاولة منعها من النكوص على عقبيها، إِذ أَن الكثير من الفاشلين في امتحانات الحياة واختباراتها لم يكونوا مؤهلين -ذاتاً- بالدرجة المطلوبة، لأن الذات البشرية إذا كانت خاليةً من مقومات البناء، فإِنها تنكسر في أُولى جولات المنازلة والمواجهة مع التهديدات الخارجية، وتُمنى بهزيمة كبيرة.
وهذه الهزيمة لا يمكن تفاديها ما لم تكن الذات البشرية مستعدةً تمام الاستعداد لمواجهة تلك التحديات، أي: أن الذات البشرية قوية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهنا يأتي السؤال: كيف يمكننا أن نقويَّ ذواتنا، نثبتها في كل الظروف؟
وجوابه: حيث إِننا مقبلون على أَشهر مهمة (شهر رجب، وشهر شعبان، وشهر رمضان)، وهي من أَهم الأَشهر التنموية الإِلهية، لذا سيكون تركيزنا على أَهم نقاط القوة في هذه الأَشهر الثلاثة، وبالأَخص شهر رجب الأَصب، هذا الشهر الذي يفتتحُ الأَشهر العبادية، والذي يُلهم المؤمنين معاني قوة الذات وثباتها أَمام كل التحديات، إِذ أَن أَهم نقاط القوة في هذا الشهر الفضيل هي الدعوة المركزة إِلى طاعة الله جلَّ وعلا، من استغفار، وصيام، ومناجاة، وأَدعية، وغيرها من الطاعات، بل إِن هذا الشهر يختص بالله ومنسوب إليه جلَّ شأنه، فعن النبي الأَكرم(صلى الله عليه وآله): «.. أَلَا إِنَّ رَجَبَ شَهْرُ اللهِ، وَشَعْبَانَ شَهْرِي، وَرَمَضَانَ شَهْرُ أُمَّتِي»[1]، ومن المعلوم في الوسط الإِيماني وغيره ما للطاعة والعمل بتلك المستحبات من آثارٍ إيجابية بالغة وكبيرة على الذات البشرية، والتي منها: الأثر النفسي، كما قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) في الصلاة: «جُعِل قُرَّةُ عَينِي في الصَّلاةِ»[2]، أي: جعلت راحتي النفسية في إقامة الصلاة، إِضافةً إِلى توريث الصلاة لأُمور جديرة بالذكر، كاحترام الوقت، والتبكير بالاستيقاظ، وزيادة العلاقة الاجتماعية في صلاة الجماعة، والكثير من الآثار الطيبة الكريمة، علاوة على تسبيب الطاعة بشكل عام للرزق، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)[3]، وهكذا الآثار في الصيام الذي هو أَحد المستحبات المؤكدة في شهر رجب، إِذ أَنه يورث الِإخلاص والصبر، وترشيق النفس والبدن، وتحمل المصاعب والشدائد، لا سيما فيما إِذا كان في أَيام الحر الشديد.
إذاً شهر رجب الأَصب هو من الأَشهر العبادية المهمة في تقوية الذات وإِثباتها في المعترك الحياتي الكبير، فلنستعدَّ له، ونكون من أهله وعُمّاره، والله المعين على ذلك كله.
مجلة اليقين العدد (36)