جامع المرادية في بغداد

جامع المرادية في بغداد

يُعرف جامع المرادية بجامع الميدان لوقوعه في محلّة الميدان القائمة في باب المعظّم، مقابل مبنى وزارة الدفاع، أمر بإنشاء هذا الجامع الوالي مراد باشا سنة (978هـ/1571م).

الوصف المعماري للمبنى

يعتبر جامع المرادية من أجمل وأشهر الجوامع التي أُقيمت في تلك المرحلة التاريخية، ويعدّه الألوسي مفخرة لبغداد. ونظراً لجمال زخارفه، فهو يعتبر أحد عجائبها من حيث متانة البناء وارتفاعه. وهو جامع كبير يشغل مساحة مقدارها1899 متراً مربعاً، يتألف من بيت الصلاة الذي يحتلّ قطعة من الأرض مستطيلة الشكل قياسها 10/51/40م. ويشتمل المُصلىّ على أربعة أعمدة رخامية، قسّمت بيت الصلاة على ثلاث بلاطات عمودية على جدار القبلة، أوسعها البلاطة الوسطى التي بلغ عرضها 10م، في حين بلغ عرض البلاطة الجانبية 4م. يعلو هذه الأعمدة تيجان ذات شكل مخروطي ناقص، وهذا النوع من التيجان يعدّ من مميّزات عمارة مساجد بغداد التي بُنيت في تلك الحقبة، إذ نجدها في بناء جامع سيّد سلطان علي، وجامع الخاصكي، وفوق هذه الأعمدة الأربعة تقوم ستة عقود مدببة قائمة بصورة عمودية على جدار القبلة. ولكي يتمكّن المعمار من تحوير الجزء العلوي من المربع إلى مثمّن لإقامة القبة، أقام عقداً آخرَ في الزوايا الأربع لبلاطة المحراب. تحصر هذه العقود بين أكتافها مثلثات كروية، وقد قُسّمت هذه المثلثات على صفوف من المقرنصات ذات مستويات مختلفة، يتوّج كل مثلث من هذه المثلثات أنصاف المقرنص، ونتج عن إقامة هذه المثلثات تحويل الجزء العلوي المربع لبلاطة المحراب إلى مدور؛ لإقامة الرقبة التي ترتكز عليها القبة. هذا فيما يتعلّق بعقود ومراحل انتقال بلاطة المحراب، أمّا البلاطة الجانبية، فقد احتوت على صفّين من العقود المدببة، قَسّمت البلاطة على ثلاثة أقسام مربعة، وأقيمت بين هذه العقود مثلثات كروية، قَسّمت على عدّة صفوف من المقرنصات على غرار مقرنصات مثلثات بلاطة المحراب، وقد اختلفت أحجامها وعددها باختلاف حجم المسافة التي تقوم فيها القبة والمقرنصات.

قِباب الجامع

لا شك أنّ تغطية بيت الصلاة في جامع المرادية تعدّ من أبرز الأمور العلمية التي نجح فيها المعمار إلى درجة كبيرة؛ إذ استخدم سبع قباب مختلفة الأحجام، أكبرها القبة الوسطى القائمة فوق بلاطة المحراب، سعتها عشرة أمتار، وارتفاعها10.5 متراً. وقد امتازت قبة بلاطة المحراب بكبر حجمها وشكلها النصف كروي. والقبة نصف الكروية كانت معروفة في العمارة العراقية، إلّا أنّها تطوّرت خلال الحقبة التي تتحدّث عنها، وذلك لاتساع القاعة الوسطى التي تتوسط المُصلّى. هذا فيما يتعلّق بقبة بلاطة المحراب، أمّا البلاطة الجانبية، فقد نجح المعمار في تسقيف البلاطتين الجانبيتين لبلاطة المحراب، وذلك بإقامة ست قباب صغيرة من نوع القباب نصف الكروية، ثلاث فوق كل بلاطة، أكبرها القبة الوسطى، وكل قبة من هذه القباب تقوم على مثلثات قائمة بين أكتاف العقود كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

ازدانت هذه المثلثات القائمة بين أكتاف العقود بأنّها ذات مستويات مختلفة متوّجة بأنصاف المقرنص يحيط بالقبة، مما جعل حافة محيطها مسننة الشكل تشبه تسنن حافة الصينية، ونتيجة لهذا التشابه فقد سُمّيت بالقبة الصينية.

 المِئْذَنَة

ومن المميّزات المعمارية للجامع، احتواء الجامع على مئذنة تقوم في الركن الشمالي الغربي من جدار الرواق المطل على فناء الجامع تقوم في سمك الجدار، وهي تشبه مآذن بغداد التي أُقيمت خلال العصر العباسي؛ أي: إنّ المئذنة البغدادية احتفظت بطرازها الخاصّ بها دون التأثر بطراز المآذن العثمانية، التي تتكون من بدن أُسطواني ينتهي بشرفة واحدة أو أكثر، أمّا قمّة المئذنة فهي ذات شكل مخروطي مدبب مكسوة بالرصاص، هذا الطراز شاع في معظم أقطار العالم الإسلامي والعربي فيما عدا العراق.

لقد امتازت مئذنة المرادية دون غيرها من مآذن بغداد بكساء بدنها الأُسطواني ببلاطات خزفية ملونة ذات ألوان زاهية ازدانت بأشكال مختلفة تمثل زهريات وسلالاً تخرج منها باقات من الأغصان والأزهار.

المصدر: بيوت المتقين (75) شهر شعبان المعظم 1441هـ