إنّ شيعة أهل البيت(عليهم السلام) وأتباعهم يهدفون في حركتهم إلى تحقيق هدفهم المرسوم، والقيام بتحمّل المسؤولية في دولتهم المباركة بقيادة إمامهم المنتظر(عجل الله فرجه الشريف)، فنجد أنّهم يستمدّون وقود حركتهم من هذا الهدف العظيم، ومن هنا ولكي لا يصيبنا الخواء والضعف الروحي والمعنوي ـ الذي يعبّر عنه القرآن الكريم (بالوهن)، الذي إذا اُصيب به المجتمع وسرى في جسده، سوف تتراكم عليه الانكسارات والهزائم، ومن ثمّ يتضاءل إرتباطه بالله تعالى، ويضعف إيمانه بهدفه وبالتالي يصل إلى مجتمع خاو فاقد للارادة ـ تتّضح أهمية الإعداد النفسي، ويمكن الإشارة إلى ذلك من خلال النقاط التالية:
1ـ أنّ عملية إعداد الفرد والمجتمع تنّمي قوة الإحساس بالهدف، وتجعل العقيدة ذات حضور دائم في كلّ حركة من حركاته، ممّا يجعله يعيش معها في أفكاره ومشاعره، وفي علاقاته ومطامحه، فتتسع في قلبه وتتحوّل إلى همٍّ يوميٍّ متحرّك، بدلا من أن تكون عقيدته مختفية في زاوية محدودة من زوايا الفكر. وربّما يمكن استيحاء هذا المعنى ـ من حضور العقيدة ـ من الكلمة العظيمة لأمير المؤمنين(عليه السلام): «ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله قبله وبعده وفيه»[1].
2ـ أنّ عملية الإعداد النفسي تربّي الفرد والمجتمع، وتجعلهما قادرين على مواجهة الرياح العاصفة، فلا يتزلزل أمام أيّة ريح، ولا يهتز أمام أيّ تحدّي.
3ـ الإعداد النفسي للفرد والمجتمع يساهم في تصعيد درجة الإخلاص، ومن ثمّ يساهم في تحقيق شرط الظهور.
4ـ من خلال الإعداد النفسي للظهور تتعمّق الصلة مع الإمام(عليه السلام)، ومن ثم تتجذّر عقيدته أكثر فأكثر، وهذا بدوره يسهم في إصلاح نفسه وإصلاح مجتمعه ومَن حوله.
5ـ أنّ الإعداد النفسي يربّي عند الفرد المؤمن والمجتمع حالة الشعور بالمسؤولية، الذي يُعدّ من العناصر الأساسية في المسيرة التكاملية للفرد والمجتمع، فبمقدار قوة هذا الشعور في نفس المؤمن يكون له اضطلاع بتحمّل المسؤولية، وبمقدار تحمله للمسؤولية يتلقّى مدده بالتوفيق من الله تعالى لنيل الغاية، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمحْسِنِين)[2].