فصل في الأخذ بالشفعة

مسألة 337: الأخذ بالشفعة من الإنشائيّات المعتبر فيها الإيقاع ويتحقّق ذلك بالقول مثل أن يقول: (أخذت المبيع الكذائيّ بثمنه)، وبالفعل مثل أن يدفع الثمن إلى المشتري ويستقلّ بالمبيع.

مسألة 338: لا يجوز للشفيع أخذ بعض المبيع وترك بعضه الآخر، بل إمّا أن يأخذ الجميع أو يدع الجميع.

مسألة 339: الشفيع يتملّك المبيع بإعطاء قدر الثمن إلى المشتري لا بأكثر منه ولا بأقلّ، سواء أكانت قيمة المبيع السوقيّة مساوية للثمن أم زائدة أم ناقصة، ولا يلزم أن يعطي عين الثمن في فرض التمكّن منها، بل له أن يعطي مثله إن كان مثليّاً.

مسألة 340: إذا كان الثمن قيميّاً ففي ثبوت الشفعة للشريك بأن يأخذ المبيع بقيمة الثمن حين البيع إشكال، فالأحوط لزوماً له عدم الأخذ بالشفعة إلّا برضى المشتري، كما أنّ الأحوط لزوماً للمشتري إجابته إذا أخذ بها.

مسألة 341: إذا غرم المشتري شيئاً من أجرة الدلّال أو غيرها أو تبرّع بشيء للبائع من خلعة ونحوها لم يلزم الشفيع تداركه.

مسألة 342: إذا حطّ البائع شيئاً من الثمن للمشتري بعد البيع لم يكن للشفيع تنقيصه.

مسألة 343: تلزم المبادرة إلى الأخذ بالشفعة، فيسقط مع المماطلة والتأخير بلا عذر، ولا يسقط إذا كان التأخير عن عذر - ولو كان عرفيّاً - كجهله بالبيع أو جهله باستحقاق الشفعة، أو توهّمه كثرة الثمن فبان قليلاً، أو كون المشتري زيداً فبان عمراً، أو أنّه اشتراه لنفسه فبان لغيره أو العكس، أو أنّه واحد فبان اثنين أو العكس، أو أنّ المبيع النصف بمائة فتبيّن أنّه الربع بخمسين، أو كون الثمن ذهباً فبان فضّة، أو لكونه محبوساً ظلماً أو بحقّ يعجز عن أدائه، وكذا أمثال ذلك من الأعذار .

مسألة 344: المبادرة اللازمة في استحقاق الأخذ بالشفعة يراد منها المبادرة على النحو المتعارف الذي جرت به العادة، فإذا كان مشغولاً بعبادة واجبة أو مندوبة لم يجب عليه قطعها.

مسألة 345: إذا كان مشغولاً بأكل أو شرب لم يجب قطعه ولا يجب عليه الإسراع في المشي.

مسألة 346: يجوز له إن كان غائباً انتظار الرفقة إذا كان الطريق مخوفاً، أو انتظار زوال الحرّ أو البرد إذا جرت العادة بانتظاره لمثله، وقضاء وَطَرِه من الحمّام إذا علم بالبيع وهو في الحمّام وأمثال ذلك ممّا جرت العادة بفعله لمثله، نعم يشكل مثل عيادة المريض وتشييع المؤمن ونحو ذلك إذا لم يكن تركه موجباً للطعن فيه، وكذا الاشتغال بالنوافل ابتداءً، والصحىح السقوط في كلّ مورد صدقت فيه المماطلة عرفاً.

مسألة 347: إذا كان غائباً عن بلد البيع وعلم بوقوعه وكان يتمكّن من الأخذ بالشفعة ولو بالتوكيل فلم يبادر إليه سقطت الشفعة.

مسألة 348: لا ينتقل المبيع إلى الشفيع بمجرّد قوله: (أخذت بالشفعة) مثلاً، بل لا بُدَّ من تعقُّبه بدفع الثمن إلّا أن يرضى المشتري بالتأخير، فإذا قال ذلك وهرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقي المبيع على ملك المشتري، لا أنّه ينتقل بالقول إلى ملك الشفيع وبالعجز أو الهرب أو المماطلة يرجع إلى ملك المشتري.

مسألة 349: إذا باع المشتري قبل أخذ الشفيع بالشفعة لم تسقط بل جاز للشفيع الأخذ من المشتري الأوّل بالثمن الأوّل فيبطل الثاني وتجزىٔ الإجازة منه في صحّته له، وله الأخذ من المشتري الثاني بثمنه فيصحّ البيع الأوّل.

مسألة 350: إذا زادت العقود على اثنين فإن أخذ بالأوّل بطل ما بعده ويصحّ مع إجازته، وإن أخذ بالأخير صحّ ما قبله، وإن أخذ بالمتوسّط صحّ ما قبله وبطل ما بعده ويصحّ مع إجازته.

مسألة 351: إذا تصرّف المشتري في المبيع بوقف أو هبة غير معوّضة أو بجعله صداقاً أو غير ذلك ممّا لا شفعة فيه كان للشفيع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلى البيع فتبطل التصرّفات اللاحقة له.

مسألة 352: الشفعة من الحقوق فتسقط بالإسقاط، ويجوز أخذ المال بإزاء إسقاطها وبإزاء عدم الأخذ بها، لكن على الأوّل لا يسقط إلّا بالإسقاط فإذا لم يسقطه وأخذ بالشفعة صحّ ولم يستحقّ المال المبذول، بل يصحّ الأخذ بالشفعة على الثاني أيضاً، ويصحّ الصلح على سقوطها فيسقط بذلك.

مسألة 353: حقّ الشفعة لا يقبل النقل إلى غير الشفيع.

مسألة 354: إذا باع الشريك نصيبه قبل الأخذ بالشفعة سقطت خصوصاً إذا كان بيعه بعد علمه بالشفعة.

مسألة 355: لا يعتبر العلم بالثمن في جواز الأخذ بالشفعة، فإذا أخذ بها وكان جاهلاً به صحّ.

مسألة 356: إذا تلف تمام المبيع قبل الأخذ بالشفعة سقطت.

مسألة 357: إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط، وجاز له أخذ الباقي بتمام الثمن من دون ضمان على المشتري.

مسألة 358: إذا كان التلف بعد الأخذ بالشفعة فإن كان التلف بفعل المشتري ضمنه.

مسألة 359: إذا كان التلف بغير فعل المشتري ضمنه المشتري أيضاً فيما إذا كان التلف بعد المطالبة ومسامحة المشتري في الإقباض.

مسألة 360: في انتقال الشفعة إلى الورّاث إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه، ولو بني على الانتقال لم ىكن لبعض الورثة الأخذ بها ما لم يوافقه الباقون.

مسألة 361: إذا أسقط الشفيع حقّه قبل البيع لم يسقط، وكذا إذا شهد على البيع أو بارك للمشتري إلّا أن تقوم القرينة على إرادة الإسقاط بالمباركة بعد البيع.

مسألة 362: إذا كانت العين مشتركة بين حاضر وغائب وكانت حصّة الغائب بيد ثالث فعرضها للبيع بدعوى الوكالة عن الغائب جاز الشراء منه والتصرّف فيه ما لم يعلم كذبه في دعواه، ويجوز للشريك الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطّلاعه على البيع فإذا حضر الغائب وصدّق فهو، وإن أنكر كان القول قوله بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر، فإذا حلف انتزع الحصّة من يد الشفيع وكان له عليه الأجرة إن كانت ذات منفعة مستوفاة أو غيرها على تفصيل تقدّم في المسألة (78)، فإن دفعها إلى المالك رجع بها على مدّعي الوكالة.

مسألة 363: إذا كان الثمن مؤجّلاً جاز للشفيع الأخذ بالشفعة بالثمن المؤجّل، ويجوز إلزامه بالكفيل، ويجوز أيضاً الأخذ بالثمن حالّاً إن رضي المشتري به أو كان شرط التأجيل للمشتري على البائع.

مسألة 364: إذا تقايل المتبايعان قبل أخذ الشريك بالشفعة فالمشهور بين الفقهاء (رضوان الله تعالى عليهم) عدم سقوطها بالإقالة، بل لو أخذ الشفيع بها كشف ذلك عن بطلان الإقالة فيكون نماء المبيع بعدها للمشتري ونماء الثمن للبائع كما كان الحال قبلها كذلك، ولكن الصحيح سقوطها حينئذٍ، وأمّا لو كان التقايل بعد أخذ الشريك بالشفعة لم يمنع ذلك عن صحّة الإقالة فيرجع البائع بعوض المبيع إلى المشتري.

مسألة 365: إذا كان للبائع خيار ردّ العين لم تسقط الشفعة به، لكن البائع إذا فسخ قبل أخذ الشريك بالشفعة يرجع المبيع إليه ولا شفعة، وإن فسخ بعده رجع بالمثل أو القيمة، وهكذا الحكم في سائر الخيارات الثابتة للبائع أو المشتري غير ما يسقط بخروج العين عن ملك المشتري كخيار العيب.

مسألة 366: إذا كانت العين معيبة فإن علمه المشتري فلا خيار له ولا أرش، فإذا أخذ الشفيع بالشفعة فإن كان عالماً به فلا شـيء له وإن كان جاهلاً كان له الخيار في الردّ وليس له اختيار الأرش، وإذا كان المشتري جاهلاً كان له الردّ فإن لم يمكن - ولو لأخذ الشريك بالشفعة قبل ذلك - كان له الأرش، وأمّا الشفيع الجاهل بالعيب حين أخذه بالشفعة فيتخيّر بين الردّ إلى المشتري وبين مطالبته بالأرش حتّى وإن كان قد أسقطه عن البائع.

مسألة 367: إذا اتّفق اطلاع المشتري على العيب بعد أخذ الشفيع كان له أخذ الأرش وعليه دفعه إلى الشفيع، وإذا اطّلع الشفيع عليه دون المشتري فليس له مطالبة البائع بالأرش، بل له إعلام المشتري بالحال، ويتخيّر بين ردّ العين المعيبة إليه وبين مطالبته بالأرش.