جامع الخضراء أو الخضرة

جامع الخضراء أو الخضرة

وهو من المساجد القديمة في مدينة النجف الأشرف، ولكن لا يعرف تاريخ إنشائه على وجه التحديد، ويقع في منطقة التقاء الضلع الشمالي بالشرقي من السور الخارجي للصحن الشريف للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

  لقد تعاقبت على هذا المسجد عمارات متعددة، وفي شهر رجب سنة(1368هـ) هدمت الحكومة ثلثاً منه، وأخذته كتوسعة للطريق المحيط بالصحن الشريف من سائر جوانبه، وأخذت الكثير من المحلات والدور والمقابر لهذه التوسعة[1].

  وفي ثمانينيات القرن الماضي الميلادي، أمر آية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره) بإعادة بناء المسجد بعد هدم البناء القديم، وسعى في إعادة بنائه وأشرف عليه الشهيد السعيد حجة الإسلام الشيخ ميرزا أحمد الأنصاري.

  كان السيد الخوئي (قدس سره) يؤم الجماعة فيه، كما اتخذه مقراً لإلقاء دروسه العلمية، فقد تخرّج عليه في هذا المسجد المئات من المجتهدين الذين انتشروا في مختلف البلاد، منهم مراجع التقليد في النجف الأشرف وبعض مراجع التقليد في قم المقدسة، وعندما تدهورت صحته وترك التدريس أقام مكانه صهره آية الله العظمى السيد نصر الله المستنبط (قدس سره)، وبعد وفاة السيد المستنبط أقام السيد الخوئي (قدس سره) سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) للتدريس وإمامة الجماعة واستمر على ذلك عدة سنوات، ثم قامت إدارة الأوقاف التابعة للنظام العفلقي البائد بغلق المسجد بحجة الترميم[2].

وقد بقي المسجد مغلقاً حتى بعد سقوط النظام، ولكن المرجعية الدينية المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله الوارف) أمرت بإعادة افتتاحه بعد ترميمه وصيانته، فافتُتح لصلاة الجماعة في يوم الاثنين (1 جمادى الأولى 1427هـ الموافق 29/5/2006م) حيث أقيمت صلاتا المغرب والعشاء في هذا المسجد المبارك.

سبب التسمية:

   لا يُعرف سبب تسميته بجامع الخضراء، فيقول الشيخ جعفر محبوبه في كتابه ماضي النجف وحاضرها: ج1، ص103، (لا نعلم الوجه في تسميته بهذا الاسم، ويمكن أن يكون أحدث من الحضرة الشريفة فعرف بمسجد الحضرة ثم صحّف، أو كانت فيه خضرة فعُرف بها) و(الخضرة صنعها درويش هندي في الساحة المتصلة بالمسجد فيما يقارب عصر الملالي في النجف، واشتهر بمسجد الخضرة من ذلك التاريخ)[3].

وصف المسجد:

  للمسجد بابان، داخلي يطل على الصحن الشريف يقع في الإيوان الثالث من الأواوين الشرقية على يمين الداخل من باب مسلم بن عقيل (عليه السلام) جنب مقبرة آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره)، يؤدي بعد مدخل صغير يطل على مقبرة السيد الخوئي(قدس سره) من جهة وعلى المسجد من جهة أخرى، وباباً أخرى ضمن الجهة الخارجية للسور الطابوقي، والداخل منه يصل إلى ساحة تبلغ مساحتها(187متر نربع) تتخللها أمكنة للوضوء ومنشآت أخرى وفوقها طابق ثانٍ، وسقفها يتخذ شكل المثلث مصنوع من الزجاج المظلل المدعم بالإطارات الحديدية.

 ومجاور هذه الساحة يقع المسجد الذي تبلغ مساحته (166متر مربع)، أُنشأ فيه محراب نقش بالآيات القرآنية الكريمة والزخارف الإسلامية وأرخ بتاريخ (1385هـ)، وتاريخ آخر بسنة(1386هـ)، وقد كتب على أحد جوانب المحراب: (لقد تم تجديد بناء جامع الخضراء تنفيذا لأمر سماحة الإمام آية الله العظمى السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (قدس سره)، وفي الجانب المقابل من المحراب كتب الآتي: (لقد سعى في تجديد هذا الجامع المبارك الشهيد حجة الإسلام الشيخ احمد الأنصاري طاب ثراه وكان ذلك في سنة 1385هـ)

وضمن قاعة الصلاة للمسجد وعلى الواجهة التي تفصل بين الشباكين المطلين على مقبرة السيد الخوئي (قدس سره)، كتبت أبيات شعرية رائعة للدكتور محمد حسين الصغير على الكاشي الكربلائي، أحاطت بلوحة المرقد أرّخت لوفاة السيد الخوئي (قدس سره) وهي:

لما اصْطَفَينْا للهُدّى مَضْجَعاً       وأصْــبَحَ الخـوئي فيها دفين

ومِـنْ عليّ قَدْ دنـا موضــعاً      وهكـــذا عـــاقبةُ المؤمنـين

نُودي فاهــتزَّ لها مَســمعاً        إنا فتحــنا لك فتـــحاً مبين

وأنشد التـــاريخ لمــا دعـا       أُزلفــتِ الجـــنة للمـــتقين

وقد كتب على لوحة المرقد:

مرقد سيد الطائفة أستاذ الفقهاء والمجتهدين سماحة المغفور له الإمام السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي (قدس سره) 1317هـ-1413هـ.

وفوق هذه الواجهة توجد كتيبة أخرى من الكاشي الكربلائي مكتوب عليها:

بسم الله الرحمن الرحيم: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) صدق الله العلي العظيم. 

المصدر: بيوت المتقين (40) شهر ربيع الثاني 1438هـ

 


[1] ماضي النجف وحاضرها، جعفر محبوبه: ج1، ص103.

[2] مساجد ومعالم، عبد المطلب الخرسان: ص30.

[3] مساجد ومعالم، عبد المطلب الخرسان: ص 27.