المختار الثقفي

من الشخصيات التاريخية التي كان لها الدور الكبير في إبراز الولاء الحقيقي لأهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام) هو المختار بن عبيد الثقفي، إذ لا نجد أحداً من الأولين والآخرين يذكر الثأر من قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) إلا وأقرنَ ذلك الذكر بالمختار الثقفي، وذلك لما فعله هذا البطل المؤمن بقتلة الإمام الحسين (عليه السلام)، فأراح بذلك قلوب أهل البيت (عليهم السلام).

ولد المختار في السنة الأولى للهجرة، يكنى بأبي إسحاق، واسمه الكامل هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف الثقفي، كان المختار من أهل الطائف، ينتمي إلى قبيلة ثقيف، وكان والده أبو عبيد من كبار الصحابة، اشترك في واقعة (الجسر) إحدى وقائع القادسية، وقتل فيها، وذلك في زمن عمر بن الخطاب، وأما جده مسعود الثقفي فهو من وجوه الحجازيين، ويقال: إنّ جدّه (مسعود) هو عظيم القريتين، قال تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) الزخرف: 31، عمّه سعد بن مسعود الثقفي والي المدائن من قبل الإمام علي (عليه السلام).

أمّه هي دومة بنت عمرو بن وهب، أدرجها ابن طيفور في عداد بليغات العرب في كتابه (بلاغات النساء)، أما أخوته فهم كل من وهب ومالك وجبير قتلوا جميعاً في معركة الجسر.

  وكان منذ صباه شجاعاً مقداماً، فقد اشترك المختار في واقعة الجسر وهو ابنُ ثلاث عشرة سنة، وقد استخلفه عمُّهُ سعد بن مسعود على المدائن حينما نشبت معركة الخوارج.

وأما عن عبادته: فقد روى المنهال بن عمرو: أنه لما علم المختار بمقتل حرملة نزلَ عن دابَّتهِ، وصلَّى ركعتين، فأَطالَ السُّجُودَ، ثمَّ قام فركبَ وركبتُ معهُ وسرنا، فحاذَيْتُ داري، فقلتُ: أَيُّهَا الأَميرُ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُشَرِّفَنِي وتُكْرِمَنِي وتَنزلَ عندي، وتكرمني بِطعامي، فقال: يا مِنْهَالُ تُعْلِمُنِي أَنَّ عليَّ بْنَ الْحُسَيْنِ دعا بِأَرْبَعِ دعواتٍ فَأَجابهُ اللهُ على يَدِي، ثُمَّ تأْمُرُني أَنْ آكلَ! هذا يومُ صوْمٍ شُكْراً لِله عزَّ وجلَّ على ما فعلتُهُ بِتَوْفِيقِهِ.

خرج المختار طالباً بثأر الإمام الحسين (عليه السلام) في الرابع عشر من ربيع الأول سنة 66 هـ، وكان يقول: واللهِ لو قَتَلْتُ به- أي بالحسين- ثلثي قريش ما وفوا بأنملة من أنامله.

  استطاع في فترة حكمه على الكوفة أن يقتص من قتلة الإمام الحسين (عليه السلام)، فقتل كل القيادات التي شاركت في حرب الإمام الحسين (عليه السلام)، وبعد ثمانية أشهر من القتال الضاري مع المروانيين والزبيريين سيطر مصعب بن الزبير على الكوفة، فاستشهد المختار في (14 رمضان سنة 67 هـ)[1].


مجلة اليقين العدد (44)، الصفحة (11).

 


[1] أسد الغابة: ج4، تاريخ الطبري: ج6، الطبقات ‏الكبرى، تاريخ ‏ابن ‏خلدون: ج2، تاريخ الكوفة للسيد البراقي، الغارات: ج2، بحار الانوار: ج45.