قال تعالى: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ الأنبياء:83
السؤال: كيف يصدر عن النبي هذه الشكوى، وهي مخالفة للمعرفة والتسليم للباري جل وعلا؟ أليس المرض بلاء نازل من الله عز وجل؟ ألا يسلّم النبي أيوب (عليه السلام) أن هذا البلاء كان لحكمة إلهية؟ فلم طلب كشف الضر عنه؟
نقول: ما تشير إليه الآيات الكريمة في الكتاب العزيز أن النبي أيوب (عليه السلام) كان في عافية و هناء، ثم تراكم عليه البلاء، و أخذ منه مأخذاً من كل جانب، فأصيب بنفسه و أهله، فصبر صبر الأحرار ، و بقي على ثقته و يقينه باللّه لا يشغله عن طاعته حزن و لا ألم، حتى صار مضرب الأمثال، و لما طالت عليه مدة المرض، و اشتدت آلامه الجسدية والنفسية، توجه إلى اللّه بكلمتين: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ فعبر عن كل هذه المدة من البلاء العظيم بهاتين الكلمتين، الأولى قال: ﴿مَسَّنِيَ﴾، و لم يقل: تفاقم و تراكم كيلا تشعر شكواه بالجزع و قلة الصبر، والثانية ﴿الضُّرّ﴾. فهي كلمة تطلق على كلّ سوء وأذى يصيب روح الإنسان أو جسمه، وماله، كموت الأعزّة وانهيار الشخصيّة وأمثال ذلك، والنبي أيّوب ع قد ابتلي بكثير من هذه المصائب.
فهو (عليه السلام) أظهر في كلامه أقصى حالات الأدب والخضوع أمام الله عز وجل في دعائه لرفع هذه البلاءات، ولم يظهر منه الضجر، بل يقول فقط: إنّي ابتليت بهذه المصائب وأنت أرحم الراحمين.
كما أن البلاء والكرب سبّبا ثُقلاً عن أداء الشكر لله تعالى لذلك طلب من الله كشف الضر ليكون قادراً على الطاعة والشكر وغيرها من مقتضيات النعمة.
المصدر: مجلة اليقين، العدد (19)، الصفحة (10).