لا يمكن أن نتصوّر من نبيّنا الأكرم(صلى الله عليه وآله) أنه لا يعلم أهمية القضية المهدوية للإسلام والمسلمين، كما لا يتصور منه أنه يهملها ويدعها تتحكم بها ظروف الحكومات والسلطات الدنيوية، كيف وهي الدولة الإسلامية المنتظرة، بها تملأ الأرض بالعدل والخير والبركة، وبها ينتهي الجور والظلم، للأفراد والشعوب، لذلك وضع(صلى الله عليه وآله) معالم القضية فيما يخص هوية رمزها الإمام الحجة (أرواحنا لمقدمه الفداء)، فقام النبي(صلى الله عليه وآله) بذكر أمور عامة تخص هويته(عليه السلام) منها قوله(صلى الله عليه وآله): «لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمْلِكَ الْعَرَبَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي»، وَ فِي رِوَايَةٍ قَالَ: «يَلِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي»[1] فحصر(صلى الله عليه وآله) هوية إمامنا(عليه السلام) في العرب دون غيرهم.
ثم ضيّق (صلى الله عليه وآله) الدائرة فحصره في ولد عبد المطلب دون غيرهم، وقال: «نَحنُ وُلدُ عَبدِ المُطَّلِبِ سادَةُ أَهلِ الجَنَّةِ: أَنا وَحَمزَةُ وَعَلِيٌ وَجَعفَرٌ وَالحَسَنُ وَالحُسَينُ وَالمَهدِيُ»[2].
وخصص عائلة عبد المطلب فجعله في خصوص ولد فاطمة (عليها السلام) فقال (صلى الله عليه وآله): «المهدي(عليه السلام) حق وهو من ولد فاطمة(عليها السلام)»[3].
وتوجد أحاديث كثيرة في مصادر الفرق الإسلامية تذكر بيان النبي (صلى الله عليه وآله) لهوية ونسب الإمام المهدي (عليه السلام).
أما أمير المؤمنين (عليه السلام): فقد ذكر ما يقرّ ويؤكد هذه الهوية، فقد روى أبو وائل قال: نظر أمير المؤمنين عليٌّ (عليه السلام) إلى الحسين (عليه السلام) فقال: «إنَّ ابْني هَذَا سَيِّدٌ، كَمَا سَمَّاهُ رَسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) سَيِّداً، وَسَيُخْرِجُ اللهُ مِنْ صُلْبِهِ رَجُلاً بِاسْمِ نَبيِّكُمْ، يُشبهُهُ في الخَلْقِ والخُلْقِ يَخْرُج عَلَـى حِين غَفْلَةٍ مِنَ النَّاسِ، وَإِماتَةٍ لِلحَقِّ وَإِظْهارٍ للْجَورِ، يَفْرَحُ بِخُرُوجِهِ أَهل السَّماواتِ وسُكّانُها. وَهُوَ رَجُلٌ أَجلَى الجَبينِ، أَقْنَى الاَنْفِ ...»[4].
أما الإمام الحسن (عليه السلام) فقد خصّص ما ذكره النبي (صلى الله عليه وآله) من أمر الإمام المهدي (عليه السلام) في ولد الحسين (عليه السلام) بالتسلسل التاسع، فقال (عليه السلام) في حديث طويل: «أما علمتم أنّه ما منّا أحد إلاّ ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلاّ القائم الّذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه، فإنّ الله عزّ وجلّ يخفي ولادته، ويغيّب شخصه، لئلا يكون في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع من ولد أخي الحسين، ابن سيّدة النساء»[5].
وأيده الإمام الحسين (عليه السلام) في ذلك التخصيص فقال: «قائم هذه الأمّة هو التاسع من ولدي، وهو صاحب الغيبة»[6].
وورد عنه (عليه السلام): «منّا اثنا عشر أميراً أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وآخرهم التاسع من ولدي(عليه السلام)»[7].
ويتحدث إمامنا زين العابدين(عليه السلام) بلسان الصدق والنور فيذكر محاولة انتحال إمامة إمامنا الغائب(عليه السلام) بقوله: «فَاِنَّ لِلْخامِسِ مِنْ وُلدِهِ وَلَداً اسمُهُ جَعْفَرٌ یَدَّعي الإمامَةَ اِجترِاءً عَلَی الله وَکِذْباً عَلَیهِ ... ثُمّ قالَ: کَأنّي بِجَعْفَرٍ وَقَدْ حَمَلَ طاغِیَةَ زَمانِهِ عَلی تَفتِیشِ أمْرِ وَلیِّ الله وَالمُغَیَّبِ فی حِفْظِ الله، وَالتَّوکیلِ بِحَرَمِ أَبیهِ جَهلاً مِنهُ بِوِلادَتِهِ وَحِرْصاً مِنْهُ عَلی قَتْلِهِ اِنْ ظَفَرَ بِهِ وَطَمَعاً فی میراثِهِ حَتّی یَأخُذَهُ بِغَیرِ حَقِّهِ»[8].
وأما الإمام الصادق (عليه السلام) فقد سأله الحميري عن الغيبة بمن تقع؟ فقال (عليه السلام): «إنَّ الغَيبَةَ سَتَقَعُ بِالسّادِسِ مِن وُلدي، وهُوَ الثّاني عَشَرَ مِنَ الأَئِمَّةِ الهُداةِ بَعدَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، أوَّلُهُم أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ، وآخِرُهُمُ القائِمُ بِالحَقِّ، بَقِيَّةُ الله فِي الأَرضِ، وصاحِبُ الزَّمانِ»[9].
وأما الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) عندما سُئل: يا ابن رسول الله أنت القائم؟ قال: «أَنَا الْقَائِمُ بِالْحَقِّ ولَكِنَّ الْقَائِمَ الَّذِي يُطَهِّرُ الْأَرْضَ مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ ويَمْلَأُهَا عَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ جَوْراً هُوَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِي لَهُ غَيْبَةٌ يَطُولُ أَمَدُهَا خَوْفاً عَلَى نَفْسِهِ يَرْتَدُّ فِيهَا أَقْوَامٌ ويَثْبُتُ فِيهَا آخَرُونَ»[10].
وأمّا الإمام الرضا (عليه السلام) فقد قال لدعبل: «یا دِعْبِلُ الْإِمَامُ بَعْدِي مُحَمَّدٌ ابْنِي وبَعْدَ مُحَمَّدٍ ابْنُهُ عَلي وبَعْدَ عَلِي ابْنُهُ الْحَسَنُ وبَعْدَ الْحَسَنِ ابْنُهُ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ الْمُنْتَظَرُ فِي غَیبَتِه»[11].
وأما الإمام الجواد (عليه السلام) فقد ورد عنه: «هُوَ الثَّالِثُ مِنْ وُلْدِي».
وأما الإمام علي الهادي (عليه السلام) فقد ذكر حفيده تمهيداً للغيبة: «لا يرى شخصه، ولا يحلُّ ذكر اسمه، حتى يخرج فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»[12].
المصدر: مجلة اليقين العدد (67)
[1] كشف الغمة، ابن أبي الفتح الإربلي: ج3، ص276.
[2] بحار الأنوار: ج 22 ص 149.
[3] مستدرك الحاكم، النيسابوري: ج٤، ص٥٥٧.
[4] بحار الأنوار، المجلسي: ج51، ص40.
[5] إكمال الدين وإتمام النعمة، الشيخ الصدوق: ج 1، ص 315.
[6] إلزام الناصب: ص67.
[7] بحار الأنوار، المجلسي: ج51، ص133.
[8] كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق: ج1، ص319.
[9]بحار الأنوار، العلامة المجلسي: ج42، ص79.
[10] كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق: ج2، ص361.
[11] إحقاق الحق، التستري: ج13، ص365.
[12] مستدرك الوسائل، المحدّث النوري: ج12، ص284.