وفيه مبحثان:
وهم ثمانية:
الأوّل: الفقير .
الثاني: المسكين.
وكلاهما من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله له ولعياله، والثاني أسوأ حالاً من الأوّل كمن لا يملك قوته اليوميّ، والغنيّ بخلافهما فإنّه من يملك مؤونة سنته إمّا فعلاً - نقداً أو جنساً - ويتحقّق ذلك بأن يكون له مال يفي هو أو وارده بمؤونته ومؤونة عياله، أو قوّة بأن يكون له حرفة أو صنعة يحصل منها مقدار المؤونة، وإذا كان قادراً على الاكتساب وتركه تكاسلاً، لم يجز له أخذ الزكاة، نعم إذا خرج وقت التكسّب جاز له الأخذ.
مسألة 1134: إذا كان له رأس مال تكفي عينه بمؤونة سنته ولا يكفي ربحه بذلك لم يُعدّ غنيّاً فيجوز له أخذ الزكاة بمقدار ما ينقصه من المؤونة، وكذا إذا كان صاحب مصنع أو بستان أو دار أو نحوها تقوم قيمتها بمؤونته ولكن لا يكفيه الحاصل منها، فإنّ له إبقاءها وأخذ ما ينقصه من المؤونة من الزكاة.
مسألة 1135: لا يضرّ بصدق عنوان (الفقير) امتلاكه دار السكنى والسيّارة المحتاج إليها بحسب حاله - ولو لكونه من أهل الوجاهة الاجتماعيّة - وكذا سائر ما يحتاج إليه من وسائل الحياة اللائقة بشأنه من الثياب والألبسة الصيفيّة والشتويّة، والكتب العلميّة، وأثاث البيت من الفرش والأواني والثلّاجة وغسّالة الملابس ووسائل التكييف وغير ذلك.
نعم إذا كان عنده من المذكورات أزيد من مقدار حاجته وكانت الزيادة تفي بمؤونته لم يعدّ فقيراً، بل إذا كان له دار تندفع حاجته بأقلّ منها قيمة وكان التفاوت بينهما يكفيه لمؤونته لم يجز له الأخذ من الزكاة فيما إذا بلغت الزيادة حدّ الإسراف - بأن خرج عمّا يناسب حاله كثيراً - وإلّا جاز له أخذها، وكذا الحكم في الفرش والسيّارة وغيرهما من أعيان المؤونة إذا كانت عنده وكان يكفيه الأقلّ منها.
مسألة 1136: إذا كان قادراً على التكسّب ولكن بخصوص ما ينافي شأنه عدّ فقيراً فيجوز له أخذ الزكاة، وكذا إذا كان قادراً على صنعة لكنّه كان فاقداً لآلاتها.
مسألة 1137: إذا كان قادراً على تعلّم صنعة أو حرفة يفي مدخولها بمؤونته لا يجوز له على الأحوط ترك التعلّم والأخذ من الزكاة، نعم يجوز له الأخذ منها في مدّة التعلّم، بل يجوز له الأخذ ما لم يتعلّم وإن كان مقصّراً في تركه، وكذلك من كان قادراً على التكسّب وتركه تكاسلاً وطلباً للراحة حتّى فات عنه زمان الاكتساب بحيث صار محتاجاً فعلاً إلى مؤونة يوم أو أزيد فإنّه يجوز له أن يأخذ من الزكاة وإن كان ذلك العجز قد حصل بسوء اختياره.
مسألة 1138: طالب العلم الذي لا يملك فعلاً ما يكفيه لمؤونته يجوز له أخذ الزكاة إذا لم يكن قادراً على تأمين مؤونته بالاكتساب وإن ترك طلب العلم، وأمّا إذا كان قادراً على ذلك وإنّما يمنعه طلب العلم من الاكتساب فإنْ كان طلب العلم واجباً عليه عيناً جاز له أخذ الزكاة وإلّا فلا يجوز له أخذها.
هذا بالنسبة إلى سهم الفقراء، وأمّا سهم سبيــل الله تعالى فيجوز له الأخــذ منه - بإذن الحاكم الشرعيّ على الأحوط لزوماً - إذا كان يترتّب على اشتغاله مصلحة عامّة محبوبة لله تعالى وإن لم يكن ناوياً به القربة، نعم إذا كان ناوياً للحرام كالرئاسة المحرّمة لم يجز له الأخذ.
مسألة 1139: المدّعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به، وإن جهل ذلك جاز إعطاؤه إذا علم فقره سابقاً ولم يعلم غناه بعد ذلك، ولو جهل حاله من أوّل أمره فالأحوط لزوماً عدم دفع الزكاة إليه إلّا مع الوثوق بفقره، وإذا علم غناه سابقاً فلا يجوز أن يعطى من الزكاة ما لم يثبت فقره بعلم أو بحجّة معتبرة.
مسألة 1140: إذا كان له دين على الفقير جاز احتسابه من الزكاة حيّاً كان أم ميّتاً، نعم يشترط في الميّت أن لا يكون له مال يفي بدينه وإلّا لم يجز، إلّا إذا تلف المال على نحو لا يكون مضموناً، أو امتنع الورثة من أداء دينه من تركته، وكذا إذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه، أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه.
مسألة 1141: لا يجب إعلام الفقير بأنّ المدفوع إليه زكاة، بل يجوز الإعطاء على نحو يتخيّل أنّه هديّة - مثلاً - بحيث يحصل منه قصد التملّك، هذا إذا كان الدفع على نحو التمليك، وأمّا إذا كان على نحو الصرف فيكفي كونه في مصلحة الفقير كما إذا قدّم إليه تمر الصدقة فأكله.
مسألة 1142: إذا دفع الزكاة إلى من يعتقد كونه فقيراً فبان غنيّاً وجب عليه استرجاعها وصرفها في مصرفها إذا كانت عينها باقية، وإن كانت تالفة جاز له أن يطالبه ببدلها إذا كان يعلم أنّ ما قبضه زكاة - وإن لم يعلم بحرمتها على الغنيّ - وإلّا فليس له الرجوع إليه، ويجب عليه حينئذٍ وعند عدم إمكان الاسترجاع في الفرض الأوّل إخراج بدلها، وإن كان أداؤه بعد الفحص والاجتهاد أو مستنداً إلى الحجّة الشرعيّة على الأحوط لزوماً.
وكذا الحكم فيما إذا تبيّن كون المدفوع إليه ليس مصرفاً للزكاة من غير جهة الغنى، مثل أن يكون ممّن تجب نفقته، أو هاشميّاً إذا كان الدافع غير هاشميّ أو غير ذلك.
مسألة 1143: إذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها إلى الفقير ثُمَّ بان العدم جاز له استرجاعها، وإن كانت تالفة استرجع البدل إذا كان الفقير عالماً بالحال، وإلّا لم يجز له الاسترجاع.
مسألة 1144: إذا نذر أن يعطي زكاته فقيراً معيّناً انعقد نذره فإن سها فأعطاها فقيراً آخر أجزأ ولا يجوز استردادها وإن كانت العين باقية، وإذا أعطاها غيره - متعمّداً - أجزأ أيضاً، ولكن كان آثماً بمخالفة نذره، ووجبت عليه الكفّارة.
الثالث: العاملون عليها.
وهم المنصوبون لأخذ الزكاة وضبطها وحسابها وإيصالها إلى الإمام (علىه السلام) أو نائبه، أو إلى مستحقّها.
الرابع: المؤلّفة قلوبهم.
وهم المسلمون الذين يضعف اعتقادهم بالمعارف الدينيّة فيعطون من الزكاة ليحسن إسلامهم ويثبتوا على دينهم، أو لا يدينون بالولاية فيعطون من الزكاة ليرغبوا فيها ويثبتوا عليها، أو الكفّار الذين يوجب إعطاؤهم الزكاة ميلهم إلى الإسلام، أو معاونة المسلمين في الدفاع أو في الجهاد مع الكفّار أو يُؤْمَن بذلك من شرّهم وفتنتهم.
ولا ولاية للمالك في صرف الزكاة على الصنفين الثالث والرابع، بل ذلك منوط برأي الإمام (علىه السلام) أو نائبه.
الخامس: الرقاب.
وهم العبيد فإنّهم يُعتقون من الزكاة على تفصيل مذكور في محلّه.
السادس: الغارمون.
وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها، وإن كانوا مالكين قوت سنتهم، بشرط أن لا يكون الدين مصروفاً في المعصية، والأحوط لزوماً اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته، فلو كان عليه دين مؤجّل لم يحلّ أجله لم يجز أداؤه من الزكاة، وكذلك ما إذا قنع الدائن بأدائه تدريجاً وتمكّن المديون من ذلك من دون حرج، ولو كان على الغارم دين لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمدين فيكون له ثُمَّ يأخذه وفاءً عمّا عليه من الدين، ولو كان الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها، ولو بدون اطّلاع الغارم، ولو كان الغارم ممّن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه لوفاء دينه أو الوفاء عنه وإن لم يجز إعطاؤه لنفقته كما سيأتي.
السابع: سبيل الله تعالى.
ويقصد به المصالح العامّة للمسلمين كتعبيد الطرق وبناء الجسور والمستشفيات والمدارس الدينيّة والمساجد وملاجئ الفقراء ونشر الكتب الإسلاميّة المفيدة وغير ذلك ممّا ىحتاج إليه المسلمون، ولا يجوز دفع هذا السهم في غير ذلك من الطاعات ولو مع عدم تمكّن المدفوع إليه من فعلها بدونه، فضلاً عمّا إذا كان متمكّناً منها ولكن لم يكن مُقْدِماً عليها إلّا بالدفع إليه.
هذا، وفي ثبوت ولاية المالك على صرف هذا السهم إشكال فلا يترك الاحتياط بالاستئذان من الحاكم الشرعيّ.
الثامن: ابن السبيل.
وهو المسافر الذي نفدت أو تلفت نفقته، بحيث لا يقدر على الرجوع إلى بلده وإن كان غنيّاً فيه، فيدفع له ما يكفيه لذلك، بشرط أن لا يكون سفره في معصية، وأن لا يجد ما يمكنه بيعه وصرف ثمنه في الوصول إلى بلده، وأن لا يتمكّن من الاستدانة بغير حرج، بل الأحوط لزوماً اعتبار أن لا يكون متمكّناً من بيع أو إيجار ماله الذي في بلده.
يجوز للمالك دفع الزكاة إلى مستحقّيها مع استجماع الشروط الآتية:
الأوّل: الإيمان.
فلا يعطى الكافر وكذا المخالف منها، ويعطى أطفال المؤمنين ومجانينهم، فإن كان بنحو التمليك وجب قبول وليّهم، وإن كان بنحو الصرف - مباشرة أو بتوسّط أمين - فلا بُدَّ من عدم منافاته لحقّ الحضانة والولاية.
مسألة 1145: إذا أعطى المخالف زكاته أهل نحلته ثُمَّ رجع إلى مذهبنا أعادها، وإن كان قد أعطاها المؤمن أجزأ.
الثاني: أن لا يصرفها الآخذ في الحرام، فلا تعطى لمن يصرفها فيه، بل الأحوط لزوماً اعتبار أن لا يكون في الدفع إليه إعانة على الإثم وإغراء بالقبيح وإن لم يكن يصرفها في الحرام، كما أنّ الأحوط لزوماً عدم إعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر أو المتجاهر بالفسق.
الثالث: أن لا يكون ممّن تجب نفقته على المعطي.
كالأبوين والأولاد من الذكور أو الإناث - وكذا الأجداد والجدّات وإن علوا وأولاد الأولاد وإن سفلوا على الأحوط لزوماً فيهما - وكذا الزوجة الدائمة إذا لم تسقط نفقتها، فهؤلاء لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة للإنفاق، ويجوز إعطاؤهم منها لحاجة لا تجب عليه، كما إذا كان للوالد أو للولد زوجة تجب نفقتها عليه، أو كان عليه دين يجب وفاؤه، أو عمل يجب أداؤه بإجارة وكان موقوفاً على المال، وأمّا إعطاؤهم للتوسعة زائداً على اللازمة فالأحوط لزوماً عدم جوازه إذا كان عنده ما يوسّع به عليهم.
ويختصّ عدم جواز إعطاء المالك الزكاة لمن تجب نفقته عليه بما إذا كان الإعطاء بعنوان الفقر فلا بأس بإعطائها له بعنوان آخر كما إذا كان غارماً أو ابن سبيل.
مسألة 1146: لا يجوز إعطاء الزكاة للزوجة الفقيرة إذا كان الزوج باذلاً لنفقتها، أو كان قادراً على ذلك مع إمكان إجباره عليه إذا كان ممتنعاً، والأحوط لزوماً عدم إعطاء الزكاة للفقير الذي وجبت نفقته على شخص آخر مع استعداده للقيام بها من دون مِنّة لا تتحمّل عادة.
مسألة 1147: يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتّع بها مع استجماعها لشروط الاستحقاق، سواء كان الدافع الزوج أم غيره، وكذا الدائمة إذا سقطت نفقتها بالشرط ونحوه، أمّا إذا كان سقوطها بالنشوز ففيه إشكال فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك.
مسألة 1148: يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج مع استجماعه لشروط الاستحقاق، ولو كان للإنفاق عليها.
مسألة 1149: إذا عال بأحد تبرّعاً جاز للمعيل ولغيره دفع الزكاة إليه، من غير فرق بين القريب والأجنبيّ.
مسألة 1150: يجوز لمن وجب الإنفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته إذا كان عاجزاً عن الإنفاق عليه، وإن كان الأحوط استحباباً الترك.
الرابع: أن لا يكون هاشميّاً إذا كانت الزكاة من غير هاشميّ.
وهذا شرط عامّ في مستحقّ الزكاة وإن كان الدافع إليه هو الحاكم الشرعيّ ولا فرق فيه بين سهم الفقراء وغيره من سائر السهام، حتّى سهم العاملين، وسبيل الله تعالى، نعم لا بأس بانتفاع الهاشميّ كغيره من الأوقاف العامّة ونحوها ممّا صرف عليها من سهم سبيل الله تعالى مثل المساجد والمستشفيات والمدارس والكتب ونحوها.
مسألة 1151: يجوز للهاشميّ أن يأخذ زكاة الهاشميّ من دون فرق بين السهام أيضاً، كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشميّ مع الاضطرار، والأحوط لزوماً تحديده بعدم كفاية الخمس ونحوه والاقتصار في الأخذ على قدر الضرورة يوماً فيوماً مع الإمكان.
مسألة 1152: الهاشميّ هو المنتسب إلى هاشم جدّ النبيّ (صلّى الله علىه وآله) بالأب دون الأمّ، ولا فرق بين من كان حمل أمّه به شرعيّاً وغيره، فولد الزناء من طرف الأب الهاشميّ يعطى من الخمس ولا يعطى من زكاة غير الهاشميّ.
مسألة 1153: المحرّم من صدقات غير الهاشميّ على الهاشميّ هو زكاة المال وزكاة الفطرة، أمّا الصدقات المندوبة فليست محرّمة عليه، بل وكذا الصدقات الواجبة كالكفّارات وردّ المظالم ومجهول المالك واللقطة ومنذور الصدقة والمال الموصى به للفقراء.
والأحوط وجوباً أن لا يدفع إليه الصدقات اليسيرة التي تعطى دفعاً للبلاء ممّا يوجب ذلّاً وهواناً.
مسألة 1154: يثبت كون الشخص هاشميّاً بالعلم، وبالبيّنة العادلة، وباشتهار المدّعي له بذلك في بلده الأصليّ أو ما بحكمه، ولا يكفي مجرّد الدعوى ولكن مع ذلك لا يجوز دفع زكاة غير الهاشميّ إلى من يدّعي كونه هاشميّاً.
مسألة 1155: لا يجب على المالك توزيع زكاته على جميع الأصناف التي يجوز له صرفها فيها، ولا على أفراد صنف واحد، ولا مراعاة أقلّ الجمع، فيجوز له إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد.
مسألة 1156: يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره، لكن إذا كان المستحقّ موجوداً في البلد كانت مؤونة النقل على المالك، وإن تلفت بالنقل يضمن، ولا ضمان مع التلف بغير تفريط إذا لم يكن في البلد مستحقّ، كما لا ضمان إذا وكّله الفقيه في قبضها عنه فقبضها ثُمَّ نقلها بأمره، وأُجرة النقل حينئذٍ على الزكاة.
مسألة 1157: إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عمّا عليه في بلده ولو مع وجود المستحقّ فيه، وكذا إذا كان له دين في ذمّة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة إذا كان فقيراً، ولا إشكال في شيء من ذلك.
مسألة 1158: إذا قبض الحاكم الشرعيّ الزكاة بصفته وليّاً عليها برئت ذمّة المالك وإن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه، أو دفعها إلى غير المستحقّ.
مسألة 1159: لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلّق الوجوب، نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضاً قبل وقت الوجوب، فإذا جاء الوقت احتسبه زكاةً بشرط بقائه على صفة الاستحقاق، كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها إلى غيره ويبقى ما في ذمّة الفقير قرضاً، وإذا أعطاه قرضاً فزاد عند المقترض زيادة متّصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك، وكذلك النقص عليه إذا نقص.
مسألة 1160: لا يجوز التأخير في دفع الزكاة عن وقت وجوب الإخراج من دون عذر، فإنْ أخّره لطلب المستحقّ فتلف المال قبل الوصــول إليــه لم يضمــن، وإنْ أخّره - مع العلم بوجود المستحقّ - ضمن، نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أو من مال آخر مع عدم المستحقّ - بل مع وجوده أيضاً - فيتعيّن المعزول زكاة، ويكون أمانة في يده لا يضمنه إلّا مع التفريط في حفظه، أو مع التأخير في أدائه مع وجود المستحقّ من دون غرض صحيح.
وفي ثبوت الضمان إذا كان التأخير لغرض صحيح - كما إذا أخّره لانتظار مستحقّ معيَّن أو للإيصال إلى المستحقّ تدريجاً في ضمن شهر أو أزيد - إشكال، فلا يترك مراعاة الاحتياط في ذلك، ونماء الزكاة تابع لها في المصرف، ولا يجوز للمالك إبدالها بعد العزل.
مسألة 1161: إذا أتلف الزكاة المعزولة أو النصاب مُتلِف فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان فالضمان يكون على المتلف دون المالك، وإن كان مع التأخير الموجب للضمان فكلاهما ضامن، وللحاكم الشرعيّ الرجوع على أيّهما شاء، فإن رجع على المالك رجع هو على المتلف، وإن رجع على المتلِف لم يرجع هو على المالك.
مسألة 1162: تتعلّق الزكاة بعين النصاب لا بماليّته فقط، وليس تعلّقها بنحو الملك - على وجه الإشاعة أو الكلّيّ في المعيّن - بل بنحو الحقّ، ولكن ليس على نحو حقّ الرهانة أو حقّ الجناية، بل بنحو آخر يختلف عنهما في بعض الأحكام.
وإذا باع المالك ما تعلّقت به الزكاة قبل إخراجها صحّ البيع، سواء وقع على جميع العين الزكويّة أو على بعضها المعيّن أو المشاع، ويجب على البائع إخراج الزكاة ولو من مال آخر، وأمّا المشتري القابض للمبيع فإن اعتقد أنّ البائع قد أخرجها قبل البيع أو احتمل ذلك لم يكن عليه شيء، وإلّا فيجب عليه إخراجها، فإن أخرجها وكان مغروراً من قِبَل البائع جاز له الرجوع بها عليه.
مسألة 1163: يجب قصد القربة في أداء الزكاة حين تسليمها إلى المستحقّ أو الحاكم الشرعيّ أو العامل المنصوب من قبله، وإن أدّى قاصداً به الزكاة من دون قصد القربة تعيّن وأجزأ وإن كان آثماً بعدم قصده القربة.
مسألة 1164: يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز له التوكيل في الإيصال إلى المستحقّ، فينوي المالك حين الدفع إلى الوكيل، والأحوط استحباباً استمرار النيّة إلى حين الإيصال إلى المستحقّ.
ويجوز للفقير أن يوكّل شخصاً في أن يقبض عنه الزكاة من شخص أو مطلقاً، وتبرأ ذمّة المالك بالدفع إلى الوكيل وإن تلفت في يده.
مسألة 1165: لا يجب دفع الزكاة إلى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة وإن كان هو الأحوط استحباباً، نعم تقدّم أنّه لا ولاية للمالك في صرفها في جملة من مصارفها كالمصرف الثالث والرابع وكذا السابع على الأحوط لزوماً، فلو كان هناك ما يوجب صرف الزكاة في شيء منها وجب إمّا دفعها إلى الحاكم الشرعيّ أو الاستئذان منه في ذلك.
مسألة 1166: يجب الاستيثاق بوصيّة أو غيرها من أداء ما عليه من الزكاة بعد موته إذا أدركته الوفاة قبل أدائها - كما هو الحال في الخمس وسائر الحقوق الواجبة - وإذا كان الوارث مستحقّاً جاز للوصي احتسابها عليه وإن كان واجب النفقة على الميّت حال حياته.
مسألة 1167: يجوز أن يُعطى الفقير ما يفي بمؤونته ومؤونة عائلته سنة واحدة، ولا يجوز أن يُعطى أكثر من ذلك دفعة واحدة على الأحوط لزوماً، وأمّا إذا أعطي تدريجاً حتّى بلغ مقدار مؤونة سنة نفسه وعائلته فلا يجوز إعطاؤه الزائد عليه بلا إشكال، ولا حدّ لما يُعطى الفقير من الزكاة في طرف القلّة من غير فرق بين زكاة النقدين وغيرهما.
مسألة 1168: يستحبّ لمن يأخذ الزكاة الدعاء للمالك، سواء كان الآخذ الفقيه أم العامل أم الفقير، بل هو الأحوط استحباباً في الفقيه الذي يأخذه بالولاية.
مسألة 1169: يستحبّ تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب، كما أنّه يستحبّ ترجيح الأقارب وتفضيلهم على غيرهم، ومن لا يَسْأل على مَنْ يَسْأل، وصرف صدقة المواشي على أهل التجمّل، وهذه مرجّحات قد تزاحمها مرجّحات أهمّ وأرجح.
مسألة 1170: يكره لربّ المال طلب تملّك ما أخرجه في الصدقة الواجبة والمندوبة، نعم إذا أراد الفقير بيعه بعد تقويمه فالمالك أولى به ولا كراهة، كما لا كراهة في إبقائه على ملكه إذا ملكه بسبب قهريّ من ميراث أو غيره.