إيمانُ أَبي طالب(رضي الله عنه) مما لا غبار عليه عندنا، ولكن شُنّت عليه حملةٌ شعواء منذ الصدر الأول للإسلام، واتُهم بأنه لم يؤمن بالنبّي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وانه مات كافراً! ولأجل بيان هذه الكذبة نذكر الأدلة على إيمانه بنحو الإجمال:
الأول: فرّق رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين المشركين وبين زوجاتهم المؤمنات، ولم يفرق بين أَبي طالب(رضي الله عنه) وبين فاطمة بنت أسد (رضي الله عنها)التي هي من السبّاقات للإسلام باعتراف الجميع.
الثاني: تصريحاته وأقواله الكثيرة جدّاً؛ فإنّها كاشفة على إيمانه وإسلامه، ومنها أشعاره التي عبّر عنها ابن أبي الحديد المعتزلي بقوله: (قالوا: فكلّ هذه الأشعار قد جاءت مجيء التواتر؛ لأنّه إن لم تكن آحادها متواترة، فمجموعها يدلّ على أمر واحد مشترك، وهو تصديق محمّد(صلى الله عليه وآله)، ومجموعها متواتر)[1].
ومن تلك الأشعار:
والله لن يصلـوا إليـــك بجمعهــم حتــى أوسّـــد في التــراب دفينا
فأصدع بأمرك مـــا عليـك غضاضة وابـــــشر بــذاك وقر منك عيونا
ودعوتني وعلمت أنــك ناصـــحي ولقــــــد دعوت وكنت ثمّ أميناً
ومنها:
ولقـــــد علّمت بـــــأن دين محمــــــــد من خــــــير أديـــــــان البّريـــــة دينا
ألم تعلمـــوا أنا وجــــدنا محمّـــــداً رسولاً كموسى خط في أوّل الكتب
وإن عليــــــه في العبــــاد محبــــــــة ولا حيـف فيمــن خصّـه الله بالحب
الثالث: ترحّم النبيّ (صلى الله عليه وآله) عليه، واستغفاره له باستمرار، وحزنه عليه عند موته، وواضح أنّه لا يصحّ الترحّم إلّا على المسلم.
الرابع: الروايات الكثيرة الواردة عن أَهل البيت (عليهم السلام) في هذا الشأن منها ما ورد عن الإمام الباقر(عليه السلام) عندما سُئل عنه، فقال: (لو وضع إِيمان أَبي طالب في كفّة ميزان، وإِيمان هذا الخلق في الكفّة الأخرى لرجح إِيمانه)[2].
مجلة اليقين العدد (29)