إن من أساليب تحصين ذواتنا وأنفسنا ضد الانحراف هو أن نكون في حالة انتظار، في حالة ترقّب دائم مستمر لبزوغ فجر الثورة الكبرى، ثورة القائد المنتظر (عجل الله فرجه الشريف). يجب أن نعيش حالة توقّع غير يائس، ولا جازع، عيوننا متطلّعة للحدث الأكبر، أسماعنا متلهفة لاستماع خبر النهضة العظمى، أفئدتنا مفعمة بالشوق والشغف لساعة الوعد الإلهي. أن نكون على أهبة الاستعداد، ننتظر المفاجأة، لا تغيب عن أذهاننا قضية الإمام المنتظر(عجل الله فرجه الشريف)، ولا ننسى الوعد الإلهي بالنصر الظافر.
هكذا أراد لنا الأئمّة (عليهم السلام) أنفسهم، وسجّلوه كموقف يجب أن نتخذه وكحالة نفسية يجب أن نستشعرها ونعيشها باستمرار. استمع معي إيها الموالي للإمام علي (عليه السلام) وهو يقول:(انتظروا الفرج، ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله انتظار الفرج)[1].
وعَنْ أَبِي الْجَارُودِ قَالَ: قُلْتُ لأَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام): يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّه هَلْ تَعْرِفُ مَوَدَّتِي لَكُمْ وانْقِطَاعِي إِلَيْكُمْ ومُوَالاتِي إِيَّاكُمْ؟ قَالَ: فَقَالَ(عليه السلام): نَعَمْ، قَالَ: فَقُلْتُ: فَإِنِّي أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةً تُجِيبُنِي فِيهَا فَإِنِّي مَكْفُوفُ الْبَصَرِ قَلِيلُ الْمَشْيِ ولَا أَسْتَطِيعُ زِيَارَتَكُمْ كُلَّ حِينٍ قَالَ(عليه السلام): هَاتِ حَاجَتَكَ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِدِينِكَ الَّذِي تَدِينُ اللَّه عَزَّ وجَلَّ بِه أَنْتَ وأَهْلُ بَيْتِكَ لأَدِينَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ بِه قَالَ(عليه السلام): إِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ فَقَدْ أَعْظَمْتَ الْمَسْأَلَةَ واللَّه لأُعْطِيَنَّكَ دِينِي ودِينَ آبَائِيَ الَّذِي نَدِينُ اللَّه عَزَّ وجَلَّ بِه، شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وآله) والإِقْرَارَ بِمَا جَاءَ بِه مِنْ عِنْدِ اللَّه، والْوَلَايَةَ لِوَلِيِّنَا، والْبَرَاءَةَ مِنْ عَدُوِّنَا، والتَّسْلِيمَ لأَمْرِنَا، وانْتِظَارَ قَائِمِنَا، والِاجْتِهَادَ والْوَرَعَ)[2].
إنّ مسؤوليتنا هي:
أن نسير على هدي الأنبياء والمرسلين والأئمة(عليهم السلام)، ونسلط الضوء على مناهجهم وتعاليمهم، ونحث الآخرين على سلوك هذا الطريق وعدم الانحراف عنه؛ للوصول إلى آخر حلقة من حلقاته، وآخر مرحلة من مراحله إلا وهي مرحلة الظهور المبارك.
عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام): (..تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله والأئمة بعده، يا با خالد إن أهل زمان غيبته والقائلين بإمامته والمنتظرين لظهوره (عليه السلام) أفضل من أهل كل زمان، لأن الله تعالى ذكره أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عنهم بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)بالسيف، أولئك المخلصون حقا وشيعتنا صدقا والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً، وقال (عليه السلام): انتظار الفرج من أعظم الفرج)[3].