السؤال: إنّ العلم الحديث أثبت أنّ جسم الإنسان في حالة تبدّل وتغيّر دائم، فالخلايا تندرس بالتدريج ويحل محلها خلايا أخرى، وبعد مرور سبع سنين تقريباً تتبدّل جميع خلايا الإنسان وتحلّ محلّها خلايا جديدة، كما هو الحال في الحوض الكبير الذي يدخله الماء من أحد جوانبه ويخرج من جانب آخر، ومن الطبيعي أن يتبدّل جميع مائهِ بعد فترة، بناءً على هذا فإذا عمّر الإنسان سبعين سنة فإنّه يتبدل عشر مرات، فهل تعاد جميع هذه الأجسام العشرة يوم القيامة، أم لا تعاد إلّا بحجم جسم واحد منها؟ وإن قيل: إنّ أحد هذه الأجسام يعاد يوم القيامة فأيّها سوف يعاد؟ وما هو المرجح في ذلك؟
الجواب:
الأول: قال الإمام الصادق (عليه السلام) في رده على أبن أبي العوجاء عندما سأل الإمام (عليه السلام): ما ذنبُ الغير؟ (أي الجلود الأُخرى): (أرأيت لو أنّ رجُلًا أخذ لبنةً فكسّرها ثم ردّها في ملبنها، فهي هي، وهي غيرها)[1].
الثاني: إنّ هذا السؤال استبعاد، فما المانع من أن تعاد جميع هذه الأجسام؟ لكن الحق هو إعادة الجسم الأخير فقط، لأنّ القرآن يقول: (يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُور)[2]، وتحيى العظام الرميم والتراب، وهذا لا يعني إلّا إعادة الجسم الأخير.
أمّا ما هو المناطُ في ترجيح هذا الجسم على الأجسام الأخرى؟ فالمناط أنّ هذا الجسم يحمل جميع صفات وخصوصيات تلك الأجسام، وذلك لأنّ الخلايا التي تتخلّى عن محلّها تعطي بالإضافة إلى ذلك جميع صفاتها للخلايا الجديدة التي تحلّ محلّها، بناءً على هذا فالجسم الأخير يحمل في طيّاته عصارة جميع الأعمال والأوصاف السابقة، وإذا ما توفّر المنظار الثاقب الذي يكشف الحقائق لأمكن مطالعة جميع سوابق الإنسان من خلال بصمات خاصيّة جسمه الأخير، ومن البديهي أن لا يتنافى هذا أبداً مع حشر المؤمنين والصالحين على هيئة شباب يمتلئُون بالحيوية، وهذا يشبه عملية جمع تراب اللَّبِنَة البالية ووضعها في قالب جديد لتصبح لَبِنَةً جديدة[3].
مجلة اليقين العدد (41)