(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[1].
تعتبر الأسرة أهم وأخطر بيئة في صياغة الإنسان، وتكوينه النفسي والسلوكي، الذي سيترك آثاره في مجتمعه الذي يعيش فيه، وعلماء الاجتماع على تباين مذاهبهم يجمعون على أن الأسرة عماد المجتمع، وأنها إذا قامت على أسس قويمة سليمة، استقرت أحوال المجتمع وتوطدت أركانه، وإذا وهنت قواعد الأسرة، ولم يتحقق لها أسباب القوة على اختلافها اضطربت حياة المجتمع واختلّ توازنه.
إن الأسرة هي الخلايا الأولى التي يتألف منها جسم المجتمع وبصلاحها يصلح هذا الجسم، وبفسادها يدب إليها السقم والانحلال.
ومنذ وقت بعيد.. مبكّر ومبكر جدا.. دق الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) جرس الإنذار في بيوتنا كلّها.
فعن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة)[2]. قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة: وهو ما يمكن الاصطلاح عليه بنظرية (نفي الفراغ)، فما لم يملأ - أي فراغ تربوي - بالصحيح الصالح يملأ بالسقيم الطالح، أما رأيت لو أنّك تركت حديقة المنزل دون عناية ومتابعة لاحتلّت الأعشابُ والحشائش الضارّة والطفيليات أرضَ الحديقة في غزوٍ يوحي بالابتلاع والاستحواذ؟!
يقول الإمام علي (عليه السلام): (إِنَّمَا قَلْبُ اَلْحَدَثِ كَالْأَرْضِ اَلْخَالِيَةِ مَا أُلْقِيَ فِيهَا مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ فَبَادَرْتُكَ بِالْأَدَبِ قَبْلَ أَنْ يَقْسُوَ قَلْبُكَ وَيَشْتَغِلَ لُبُّكَ لِتَسْتَقْبِلَ بِجِدِّ رَأْيِكَ مِنَ اَلْأَمْرِ مَا قَدْ كَفَاكَ أَهْلُ اَلتَّجَارِبِ بُغْيَتَهُ وَ تَجْرِبَتَهُ فَتَكُونَ قَدْ كُفِيتَ مَئُونَةَ اَلطَّلَبِ وَعُوفِيتَ مِنْ عِلاَجِ اَلتَّجْرِبَةِ فَأَتَاكَ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ كُنَّا نَأْتِيهِ وَاِسْتَبَانَ لَكَ مَا رُبَّمَا أَظْلَمَ عَلَيْنَا مِنْهُ)[3].
وعليه لابد من الإسراع بتربية الصبي قبل ان يقسو قلبه وتتكلّس مشاعره ويشتغل عقله بغير ما ينبغي. انظر إلى تشبيه (قلب الصبي) بـ (الأرض الخالية) الجاهزة لأن تغرس فيها ما تشاء، إنه تشبيه من سيد الموحدين ومربي الأمة بعد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله).
المُرجئة اليوم: كلّ تيار منحرف، أو فئة ضالة، أو مدرسة أخلاقية هابطة، أو توجه إفسادي فاضح، أو قناة فضائية مسمومة، أو موقع إباحي هو (مرجئة)، أي فرقة أو فريق مارق لا يلتزم النهج الإسلامي المحمدي الأصيل. فما لم يملؤه (الرحمن) بالطيب الصالح يملؤه (الشيطان) بالخبيث الفاسد.. فلنبادر قبل فوات الأوان..