تنتشر المساجد الأثرية في عُمان والتي تعكس قيمة أثرية وتاريخية كبيرة للسلطنة، بما تمثله كفن من فنون العمارة الإسلامية، والتي تتناسب مع بيئة البلاد.
مع دخول الإسلام إلى سلطنة عُمان، بات واضحاً حضور فنون العمارة الإسلامية في بناء المساجد، حيث ترك العُمانيون بصمتهم في فنون عمارتهم، بما يتناسب مع بيئتهم.
تاريخ بناء المسجد:
مسجد (المضمار)، أو كما يُعرف بمسجد مازن بن غضوبة الواقع في مدينة سمائل إحدى مدن المنطقة الداخلية. يمثل المسجد الجامع في بساطته، الاطلالة الدينية الأولى التي نقلت العمانيين من عبادة الأصنام إلى دین التوحيد. حيث شيّد هذا المسجد على يد (مازن بن غضوبة السعدي) في السنة السادسة للهجرة، وهو أول من دخل الإسلام من أهل عُمان، وليصبح فيما بعد المحطة الفارقة لمرحلة كانت فيها القبائل العمانية بشقيها ـ النزاري والعدناني ـ وثنيّة، وتقدم قرابينها إلى آلهة وأصنام كانت معروفة عند عرب الجزيرة. وكان للعمانيين صنمهم ويدعی (باجر)، وهو من أصنام الأزد في الجاهلية ومن جاورهم من قبائل طيء وقضاعة.
الأذان يرفع منذ 1420سنة:
هذه البساطة في البناء، لم تُلغِ دقة الهندسة في توزيع المساحات، حيث يلحظ الزائر الاهتمام بالصّرح الخارجي وقاعة الصلاة، وأن عمليات الترميم التي توالت على المسجد منذ مئات القرون، والتي كان آخرها في العام 1979م لم تنل من تصميمه ومن رمزيته كأول مسجد بني في محان، ولم تنقطع عنه الصلاة، ولم يخفت فيه صوت الأذان منذ ما يزيد عن 1420سنة وإلى
الآن.
بناء المسجد:
بُني مسجد المضمار من طوب الطين (الصاروج)، وخلا من المحراب البارز والمنارة الشاهقة والقباب المرتفعة، وجدرانه الداخلية غاية في البساطة ولا تحتوي إلا على كتابة آيات قرآنية بالخط العربي.
ويؤكد ـ بدر الدين أبو عبد الله بن محمد الشبلي الدمشقي ـ المتوفى عام 799هـ، في مصنفه (محاسن الوسائل إلى معرفة الأوائل)، على حقيقة ما جاء من أخبار الرواة والمحدثين، بأن ابن غضوبة، ما أن حَضر بين يدي الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) حتى أعلن إسلامه واستقر منه قلباً وعقلاً.
وتلا ذلك عودته إلى أهله ودعوتهم للإسلام ـ وقد استجابوا له ـ، وقاموا ببناء مکانٍ تُقام فيه الصلوات، حيث تم بناء مسجد (المضمار)، وبذلك بني أول مسجد في عُمان.
ويعزو الكثير من الدارسين لهندسة المساجد في الإسلام هذا التقشف في المساجد (العُمانية) ومنها مسجد المضمار إلى بُعْد عُمان وانعزالها الجغرافي في شرق شبه الجزيرة العربية، وبالتالي بُعْدها عن التأثيرات الهندسية العربية والفارسية والهندية والتركية.
الذكّر:
كما أنّ للدخول ذكراً فإنّ للخروج من المسجد ذكراً أيضاً، ففي الرواية عن سيّدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) قالت: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا دخل المسجد صلّى على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: «اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، فإذا خرج من الباب صلّی على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك»[1].
المصدر: بيوت المتقين (86) شهر رجب 1442هـ