القائل هو الإمام الحسن (عليه السلام)، والمناسبة عندما دسّت السم إليه زوجته جعدة (لعنة الله عليها) فصار (عليه السلام) ينازع آخر أيامه ويرمي بقطع من كبده الشريف في الطست، كان الإمام الحسين (عليه السلام) بجانبه وهو يبكي، فقال له الإمام الحسن (عليه السلام):
«أخي حسين أتبكي وتجزع عليّ؟
والله لا يوم كيومكَ يا أبا عبد الله»
كلمة كتبت على جبين التأريخ وفي قلوب المؤمنين مدى الدهور، وصف (عليه السلام) فيها عظم واقعة كربلاء، وأنها كبيرة بالقياس إلى مصيبته، وأن الذي يستحق البكاء الكثير والحزن الطويل هو مصاب ورزية أبي عبد الله الحسين(عليه السلام).
إن هذه المقولة تحبط كل مخططات المنافقين وأتباع الشياطين وأفعالهم كل عام من محاولات لطمس الهوية الحسينية، وهي تقرر للعالم أن واقعة الطف هي الأكثر ألماً واشد حسرة وأدوم مساراً ونهجاً، فقد فارقت الإنسانية ركناً من أركانها سبط رسول الله(صلى الله عليه وآله) والحجة على الخلق أجمعين بأشنع فعلة، وأبشع قتلة حتى تمزق جسده الطاهر، وصار الجرح على الجرح والطعنة على الطعنة، وقتل معه خيرة أهل بيته من أخوته وولده وأبناء عمومته من بني هاشم، وقتل معه الأطفال وخيرة الأصحاب خير الناس بعد المعصومين على وجه الأرض وسبيت نساءه وضربن وهتكن.
إذن ليس هناك مصيبة مرّت على المسلمين وغير المسلمين بلغت تلك الدرجة من الفضاعة، فإنه قد صار قاتل ناقة صالح أشقى الأولين لقتله ناقة جعلها الله معجزة لنبي من أنبيائه، فكيف يكون قتل أولاد النبي(صلى الله عليه وآله) وحجة الله على الخلق أجمعين، وكيف يكون وصف قاتل الحسين(عليه السلام) وهو عامد ومُقدِمٌ على قتل إمام خلافة النبوة ومعدن الرسالة.
مجلة ولاء الشباب العدد (53)