الذبح والنحر

في أحد الأيام كنت أشتري بعض الطعام من أحد الأسواق جاء رجل وسأل صاحب المحل: هل عندك دجاج مستورد من بلاد إسلامية؟

أجاب البائع: لا، عندي دجاج مستورد من البرازيل هذا الشهر.

قال الرجل: لا أثق أنه ذبح على الطريقة الإسلامية.

علمت من خلال الحوار بين الرجلين أن الأديان تختلف في طريقة ذبح الحيوانات، وأن ما أراه من الذبح عند القصاب أو بائع الدجاج في سوقنا فإنه على طريقة الدين الإسلامي، لكني تساءلت في نفسي: ما هي الطريقة الخاصة بالمسلمين في ذبح الحيوانات التي يأكلونها؟

كان أحد أصدقائي - واسمه أسعد - يعمل أبوه قصاباً يذبح الشاة والشاتين يومياً، وكان رجلاً متديناً، يطبق ما ذكره الفقهاء من الشروط في الذباحة والنحر، فقرّرتُ أن أسأله، لعلّه يعلم شيئاً عن طريقة ذبح الحيوان، وفعلاً عندما التقيته سألته عن الطريقة الإسلامية في الذبح.

أجابني أسعد: إذا أردت أن تذبح فاقطع الأوداج الأربعة تماماً.‏

‏‏قلت له: وما هي الأوداج الأربعة؟

قال أسعد: هي أربعة مجارٍ تمتد مع الرقبة، وهي «المريء» مجري الطعام، و«الحلقوم» مجرى التنفّس، و«الودجان»، وهما عرقان يحيطان بالحلقوم والمريء،‏ وعلامة قطعك للأوداج الأربعة أنك تجد (الجوزة) في جهة الرأس، أما لو وجدتَ بعضها في الجسد، فمعنى ذلك أن قطعك للأوداج الأربعة لم يكن تامّاً، لأنّ الجوزة هي مجمع الحلقوم والمريء، وأن نهاية الحلقوم والمريء عند هذه الجوزة، وفوقها لا حلقوم ولا مريء، فأنت إذا أردت الذبح، فينبغي أن ‏تقطع الأوداج الأربعة من تحت الجوزة، حتى لا تكون الجوزة في الجسد.

قلت له: فهمتُ يا أسعد، لكن، لو أخطأتُ فقطعت من فوق الجوزة لا من تحتها، ثمّ انتبهت فوراً لخطئي، فهل لي أن أعود فاقطع من تحت الجوزة قبل أن تموت الذبيحة؟

قال أسعد: سمعت من أبي أنه نعم، تتدارك الذبح تحت الجوزة قبل خروج الروح تماماً من الحيوان.‏

قلت له: فلماذا يترك الناس الدجاج المذبوح المستورد من البرازيل، فربما يكون الذابح قد قطع الأوداج الأربعة من تحت الجوزة؟

أجاب أسعد: في هذه الحالة حصل شرط واحد من شروط الذباحة الصحيحة، لكنه توجد شروط أخرى يجب حصولها عند عملية الذباحة.

قلت: وما هي؟

قال أسعد:

 1 ـ أن يكون الذابح مسلماً رجلاً كان أو امرأة أو صبياً مميّزاً، فلا تحلّ ذبيحة الكافر حتّى الكتابي وان سمّى على الأحوط وجوباً.‏

‏ 2 ـ أن يكون الذبح بآلة حديدية قدر الإمكان، أمّا إذا لم توجد الآلة الحديدية، جاز الذبح بالنحاس أو الصفر أو الرصاص أو الزجاج أو الحجارة الحادّة أو غيرها مما يقطع الأوداج.‏

‏‏ قلت: والسكاكين المصنوعة من الستيل؟

قال أسعد: فيها نسبة غير مستهلكة من الكروم، وهي مادّة أخرى غير الحديد، فيُشكل الذبح بها.‏ ثم أكمل:

‏ 3 ـ أن توجّه الذبيحة للقبلة حال الذبح، وذلك بأن توجّه مقاديم جسدها من الوجه واليدين والبطن والرجلين للقبلة تماماً كما يتوجّه الاِنسان للقبلة حال الصلاة، أما إذا كانت الذّبيحة ملقاة على الارض فيتحقّق استقبالها للقبلة باستقبال منحرها وبطنها للقبلة.‏

‏ 4 ـ أن يذكر الذابح اسم الله وحده عليها لأجل الذبح، سواء سمّى حين الشروع في الذبح أم قبله متّصلاً به عرفاً، ويكفي أن يقول: «بسم الله» أو «الله أكبر» أو «الحمد لله».‏

‏ 5 ـ أن يخرج الدم بالشكل المتعارف المعتاد، فلا تحلّ الذبيحة إذا لم يخرج منها الدم، أو خرج قليلاً بالنسبة إلى نوعها، بسبب انجماد الدم في عروقها، وأما إذا كانت قِلّته لأجل سبق نزيف الذبيحة، لجرح مثلاً، لم يضرّ ذلك بحليتها.‏

أضاف أسعد قائلاً:‏ البعير لا يُذبح بل يُنحر، وطريقة النحر أن تدخل السكين أو الرمح أو غيرهما من الآلات الحديدية الحادة في الموضع المنخفض الواقع في أعلى الصدر متّصلاً بالعنق.‏

قلت: وهل يشترط في الناحر ما يشترط في الذابح؟

أجاب أسعد: نعم كل ما قلناه في الذبح من شروط يجب حصولها في النحر.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (29)