وفق فتاوى سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)
صلّيتُ يوماً فرض المغرب والعشاء في إحدى الحسينات، وبعد أن أتممنا الصلاة بحمد الله تعالى ارتقى الإمام المنبر، وشرع متحدّثاً عن الصلوات وأهميتها، وعظم ثواب الصلاة في أول وقتها، واسترسلَ في الكلام حتى انتهى لموضع قضاء الصلاة الفائتة وبقائها في ذمة من لم يصلّها.
وبعد نزوله عن المنبر اعترضته قائلاً: مولاي، أحببتُ أن أسألك سؤالاً أستحيي أن أسأله
فقال لي إمام الجامع: سل ما شئت فلا حياء في الدين.
فقلت له: إذا لم أصلِّ بعض الصلوات الواجبة لنوم أو غفلة تارة، أو بسبب التسامح واللامبالاة والجهل تارة أخرى، أو كنت قد صلّيتُها فاسدة وقد خرج وقتها؟
قال: يجب عليك قضاؤها حتى تفرغ ذمّتك.
فقلت: وهل أقضيها جهرية أم إخفاتية؟
قال: إذا كانت ما فاتتك جهريّة كصلاة الصبح والمغرب والعشاء تقضيها جهراً، وإن كانت اخفاتية كصلاة الظهر والعصر تقضيها بصوتٍ خافت.
فقلت: وإن كان ما فاتني من الصلاة قصراً أو تماماً فكيف أقضيها؟
قال: ما فاتك قصراً تقضيه قصراً وإن فاتتك تماماً تقضيها تماماً.
فقلت: وهل أقضي صلاة الظهر الفائتة عندما يحين الزوال، وأقضي صلاة العشاء الفائتة عندما يحين وقت صلاة العشاء وهكذا.
قال: كلاّ، بل يحقّ لك قضاء أيّة صلاة فاتتك متى شئتَ، ليلاً كان وقت القضاء أم نهاراً. فيحقّ لك أن تقضي صلاة الصبح مساءً وصلاة المغرب والعشاء صباحاً، هكذا.
فقلت: وإذا لم أعلم كم صلاة فاتتني، فكم صلاة أقضي؟
قال الشيخ: صلّ ما تأكدّت من فواته عليك وإنّك لم تصلّه في وقته، أمّا التي تشك في فواتها فلا يجب عليك قضاؤها.
فقلت: اضرب لي مثلاً.
قال: إذا تأكّدت مثلاً أنّك لم تصلّ صلاة الصبح منذ شهر وجب عليك قضاء صلاة الصبح لمدّة شهر، ولكنّك إذا شككت بأنّك مطلوب غيرها أو غير مطلوب فلا يجب عليك القضاء.
فقلت: رجاء وضّح لي أكثر؟
قال: مثال آخر، إذا كنت تعلم أنّك لم تصلّ صلاة الصبح مدّة من الزّمن، ودار الأمر في نفسك بين احتمالين: أمّا انّك مطلوب شهراً واحداً، أو شهراً وعشرة أيّام، جاز لك حينئذٍ أن تُصلّي الشهر وتقتصر عليه وحده دون الزائد عليه.
فقلت: وهل يجب أن نقضي ما فاتنا فوراً وبدون تأخير؟
قال الشيخ: كلّا، بل يجوز التأخير من دون تهاون أو تسامح، وأوصيك أن تقضي كلّ صلاة تفوتك في نفس اليوم الذي فاتتك فيه، فإذا لم تستيقظ لصلاة الصبح مثلاً فاقض صلاة الصبح في نفس اليوم عندما تصلّي الظهر قبلها أو بعدها لئلاّ تتراكم عليك فيصبح قضاؤها صعباً، أعاذك الله من التهاون والتسامح في القضاء، ووفقك لأداء صلواتك في أوقاتها المحددّة لها.
فقلت: وهل أقضيها مرتّبة بحسب تسلسلها اليومي إن كانت الفائتة ليوم واحد أم لا.
قال: الفوائت اليومية ليوم واحد إن كانت مرتبة بالأصل كالظهرين والعشاءين يجب الترتيب بينها.
فقلت: وإن كانت لأيام متعددة فائتة، فهل يكون قضائها مرتباً كالفائتة عن يوم واحد أم لا؟
قال الشيخ: لا يعتبر الترتيب بينها إذا لم تكن مرتبة بالأصل.
فقلت: وإذا فاتتْ صلاةٌ لوالدي في حياته، فهل يجب عليّ - وأنا الولد الأكبر - قضاؤها عنه إن لم يقضها أبي حتى مات؟
قال الشيخ: نعم يجب على الابن الأكبر قضاء الصلاة الفريضة على الأحوط وجوباً؛ إذا فاتت الوالد لعذر، ولم يقضها مع تمكّنه من القضاء حتى مات، ولم يكن ابنه الأكبر قاصراً حين موته، ولا ممنوعاً من إرثه، وله أن يستأجر غيره للقضاء نيابة عنه، أو يتبرع شخص بذلك.
شَكرتُ الشيخ على سعة صدره وتحمّله إلحاحي في بعض الأسئلة.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (40)