لا نعتقد في أئمتنا [عليهم أفضل الصلاة والسلام] ما يعتقده الغلاة[1] والحلوليون[2] (كَبُرتْ كَلِمةً تَخرُجُ مِنْ أفواهِهِمْ)[3]
بل عقيدتنا الخاصّة: أنَّهم بشر مثلنا، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا، وإنما هم عباد مكرمون، اختصّهم الله تعالى بكرامته، وحباهم بولايته؛ إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم، والتقوى، والشجاعة، والكرم، والعفّة، وجميع الاَخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به.
وبهذا استحقّوا أن يكونوا أئمة وهداة، ومرجعاً بعد النبي في كلّ ما يعود للناس من أحكام وحكم، وما يرجع للدين من بيان وتشريع، وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل.
قال إمامنا الصادق عليهالسلام: «ما جاءكم عنّا ممّا يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردّوه إلينا، وما جاءكم عنّا ممّا لا يجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردّوه إلينا»[4].
[1] الغلاة: هم الذين يعتقدون في الاَئمة عليهمالسلام غير الحق، ويقولون بأنّهم آلهة وأنّهم ليسوا بمخلوقين وغيرها من الاعتقادات الفاسدة. وهؤلاء الغلاة فرق متعدّدة:
منهم الخطّابية: أتباع أبي الخطاب محمد بن أبي زينب الاَجدع الاَسدي الذي ادّعى بأنّه نبي مرسل، وأنّه من الملائكة، وغير ذلك من الخرافات.
ومنهم الغرابية: الذين قالوا بأنّ الله جل وعلا أرسل جبرئيل إلى علي بالرسالة فاخطأ جبرئيل وأعطاها إلى محمد صلىاللهعليهوآله بسبب الشبه الذي بينهما.
ومنهم العليائية: أتباع العلياء بن دراع الدوسي أو الاَسدي، وهم يعتقدون بربوبية علي بن أبي طالب عليهالسلام، وقالوا إنّ محمداً صلىاللهعليهوآله عبد لعلي - العياذ بالله -.
ومنهم المخمسية: وهم يقولون بأنّ الرب هو علي بن أبي طالب عليهالسلام وأنّ سلمان الفارسي، وأبا ذر الغفاري، والمقداد بن الاسود، وعمار بن ياسر، وعمر بن أمية الضمري هم النبيون والموكّلون بمصالح العالم من قبل الرب الذي هو علي بن أبي طالب عليهالسلام.
ومنهم البزيعية: أتباع بزيع بن موسى الحائك، ويقولون بأنّه نبي مرسل وأنّ الامام الصادق عليهالسلام هو الذي أرسله بذلك، وقد سمع به الامام الصادق ولعنه بصراحة.
ومنهم السبائية: أتباع عبدالله بن سبأ - الذي اختلف المؤرخون في حقيقة وجوده وهل هو شخصية حقيقية واقعية أم مختلقة اختلقها أعداء الشيعة - وهؤلاء يعتقدون بإلوهية علي عليهالسلام.
ومنهم المغيرية: أتباع المغيرة بن سعيد العجلي الذي ادّعى النبوّة، واستحلّ كثيراً من المحارم، ودسّ من خرافاته الكثير في كتب الشيعة، حتى ورد لعنه عن الامام الصادق عليهالسلام.
ومنهم المنصورية: أتباع أبي منصور العجلي، الذي تبرّأ منه الامام الباقر عليهالسلام، وادّعى لنفسه الامامة. وقال إنّ علياً عليهالسلام هو الكسف الساقط من السماء، وأنّ الرسل لا تنقطع ابداً.
وغيرهم من الفرق الضالّة المنحرفة الذين تبرّأ منهم الاَئمة عليهمالسلام في أحاديث كثيرة وحذّروا منهم شيعتهم. فقد ورد - على سبيل المثال لا الحصر - عن الامام الصادق عليهالسلام حيث سأله سدير وقال له: إنّ قوماً يزعمون أنّكم آلهة، يتلون بذلك علينا قرآناً (وَهُوَ الَّذي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الاَرْضِ إِلهٌ) فقال: «يا سدير سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي وشعري من هؤلاء براء، وبرىء الله منهم ، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي، والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة إلاّ وهو ساخط عليهم» الكافي: 1/269.
راجع: الملل والنحل: 1/154، الفرق بين الفرق: 238، فرق الشيعة: 42، مروج الذهب: 3/220، مقباس الهداية: 2/361، أصل الشيعة وأصولها: 172، وورد العديد من الاحاديث التي تحذّر من الغلاة، ومنها ما في بحار الاَنوار: 25/265، وغيرها.
[2] الحلوليون: وهم الذين يقولون بحلول روح الاله في جسم الامام، وهؤلاء مرجعهم إلى الغلاة، والحديث عنهم كالحديث عن الغلاة.
[3] الكهف 18: 5.
[4] انظر: مختصر بصائر الدرجات: 92.