وعاشرنهم بالمعروف

العلاقة ما بين الزّوج وزوجته فيما بعد عقد القران والزفاف هي علاقة صنعتها يد الرحمن، ورعتها برعايتها، من الصعب تكسّرها وتفكّكها؛ لأنها بنيت بيد مالك التكوين والخلق، وهو الذي ألّف بين الأفئدة، وغرز المحبّة والحنان في الزوج وزوجته، حتى صارا كياناً واحداً بالمشاعر والأحاسيس، وانصهرا في بوتقة الحبّ والوئام، قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[1]، لكن ثمّة بعض الأفعال والتصرفات من الزوجة في بعض الأحيان تكون سبباً في تنغيص تلك الأجواء الإلهية السامية، وتكون سبباً في تفكيك عُرى العلاقة ما بين الزوجين، ومن أهم تلك الأسباب هي مقابلة الإساءة بالإساءة، وردّ الخطأ بالخطأ، وهو ما يشنّج النفوس، ويصلّب المواقف، عندها تكون عقدة المشاكل قد استحكمت، وأبواب الفراق قد فُتّحت! وهذا بعكس ما لو كان ردّ الفعل من الزّوجة هادئاً، قد قابلت الإساءة بالبرود، والخطأ بالتعقّل، فإنّ الأمور ستنقلب، ونتيجة المعادلة تكون بالإيجاب لصالح الأسرة المكرّمة لا بصالحها فحسب، وهذا ما دعت إليه كلمات المعصومين(عليهم السلام) وسيرتهم العملية، قال نبيُّ الرّحمة (صلى الله عليه وآله): «خَيْرُ نِسَائِكُمُ الَّتِي إِنْ غَضِبَتْ أَوْ أَغْضَبَتْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: يَدِي فِي يَدِكَ لَا أَكْتَحِلُ بِغُمْضٍ حَتَّى تَرْضَى عَنِّي»[2]، وهذا هو الحلّ في مواطن الغضب والمشاكل، لا ذلك الحل الذي تدفع باتجاهه بعض الأمهات وصديقات السوء والأقرباء، بأن لا تتنازلي لزوجك، وقفي بوجهه، ولا تعطيه فرصة للتسلّط عليك، وردّي عليه الكلمة بكلمتين، والصّاع بصاعين، فهكذا يجب أن يكون التعامل مع الأزواج، بعدها ستجدين نفسك سيدة المواقف، وسيكون لكِ الأمر من قبلُ وبعدُ! والمسكينة تسمع لهذا وذاك، دون أن تكلّف نفسها لسماع نداء المعصومين (عليهم السلام)، وتتعقل كلماتهم النورانية التي لا يريدون منها سوى إعزاز موقف المرأة وإعظام قدرها، وأن تكون هي سيدة المواقف بامتلاك قلب زوجها قبل أن تملكه غيرها! وأن تكون هي القريبة من روحه قبل أن تريحه غيرها! فبادري بالمواقف الإيجابية، وامتصي غضب زوجك، واعتذري له وإن لم تكوني مخطئةً، وابشري برضا ورحمة السماء.

المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (59)

 


[1] سورة الروم: آية 21.

[2] روضه المتقین، العلامة المجلسي: ج8، ص101.