علي بن إبراهيم القمي (رضي الله عنه)

 من النجوم التي لمعت في سماء العقيدة والإيمان الشيخ الجليل والمفسر المشهور علي بن إبراهيم القمي (رضي الله عنه)، والذي ترك أثراً عظيماً ومباركاً في مكتبة التشيع والولاء لأهل البيت (عليهم السلام)، إذ انحدر الشيخ القمي (رضي الله عنه) من عائلة معروفة بالإيمان والولاء والتقوى، فوالده هو أحد رؤوس الشيعة القميين، ووجه من وجوههم، وهو من كبار الرواة، وكان يسمى شيخ القميين، وقد حكى الشيخ الطوسي (رضي الله عنه) والشيخ النجاشي (رضي الله عنه) وغيرهما من وجوه الإمامية أنه أوّل من نشر أحاديث الكوفيين بقم المقدسة، ويكفي في جلالة قدره وعظم شأنه مدح علمائنا الرجاليين له بالوثاقة والإخلاص، فقد ذكره الشيخ النجاشي بقوله: (بأنَّه شخصية يطمئن بها في نقل الروايات ويعتمد عليها، له إيمان ثابت وعقيدة صحيحة)[1]، وهو أحد مشايخ ثقة الإسلام الشيخ الجليل محمد بن يعقوب الكليني (رضي الله عنه).

  أكثر ما عُرِف الشيخ القمي (رضي الله عنه) تاريخياً هو براعته في ضبط الرواية والتفسير، إلا أنه ومن جانب آخر كان رجلاً عقائدياً منقطع النظير، فقد برز الجانب العقائدي جلياً في تفسيره المنسوب إليه والمشهور بـ(تفسير القمي) الذي يعدّ من أقدم تفاسير الشيعة، فإنه تعرّض فيه للأبحاث العقائدية وردّ الفرق الباطلة، وقد اعتمد الآيات في ردّ الاتجاهات غير الإسلامية كالوثنيين والزنادقة والدهريين، مع التعرض لنقد بعض الفرق الإسلامية كالمعتزلة والقدرية التي يراها مرادفة للمجبّرة- مع بيان عقائدهم الباطلة الأخرى، ويتضح جلياً أيضاً دفاعه المستميت عن مدرسة الإمامة والولاية وذكر فضائل أهل البيت (عليهم السلام) ومثالب أعدائهم في ذيل الكثير من الآيات.

  إضافة إلى بعض مصنفاته المأثورة عنه ككتاب (التوحيد والشرك) وكتاب (الأنبياء) وكتاب فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) والتي تكشف عن مدى عقيدته واهتمامه في الترويج لدين الله تعالى والتعريف برسالات الأنبياء وولاية أهل البيت (عليهم السلام).

  تُوفّي (قدس سره) عام (329) ﻫ، ودُفن بمدينة قم المقدّسة، وقبره معروف يزار بالقرب من حرم السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام).

 

المصدر: مجلة اليقين العدد (49)، الصفحة (11).

 


[1] رجال النجاشي: ص260.