فصل في مسائل تتعلق بلزوم الإجارة

مسألة 383: الإجارة من العقود اللازمة لا تنفسخ إلّا بالتراضي بين الطرفين أو يكون للفاسخ الخيار، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الإجارة منشأة باللفظ أو بالمعاطاة.

مسألة 384: إذا باع المالك العين المستأجرة قبل تمام مدّة الإجارة لم تنفسخ الإجارة، بل تنتقل العين إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة، وإذا كان المشتري جاهلاً بالإجارة أو معتقداً قلّة المدّة فتبيّن زيادتها كان له فسخ البيع وليس له المطالبة بالأرش، وإذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلى البائع.

مسألة 385: لا فرق فيما ذكرناه من عدم انفساخ الإجارة بالبيع بين أن يكون البيع على المستأجر وغيره، فلو استأجر داراً ثُمَّ اشتراها بقيت الإجارة على حالها ويكون ملكه للمنفعة في بقيّة المدّة بسبب الإجارة لا من جهة تبعيّة العين، فلو انفسخت الإجارة رجعت المنفعة في بقيّة المدّة إلى البائع، ولو فسخ البيع بأحد أسبابه بقي ملك المشتري المستأجر للمنفعة على حاله.

مسألة 386: إذا باع المالك العين على شخص وآجرها وكيله مدّة معيّنة على شخص آخر واقترن البيع والإجارة زماناً صحّا جميعاً، فيكون المبيع للمشتري مسلوب المنفعة مدّة الإجارة، ويثبت الخيار له حينئذٍ.

مسألة 387: لا تبطل الإجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر حتّى فيما إذا استأجر داراً على أن يسكنها بنفسه فمات، فإنّه لا تبطل الإجارة بموته ولكن يثبت للمؤجر مع التخلّف خيار الفسخ، نعم إذا اعتبر سكناه على وجه القيديّة تبطل بموته.

مسألة 388: إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل إنجازه لعدم القدرة عليه بطلت الإجارة، وإذا تعمّد ترك الإتيان به قبل موته لم تبطل الإجارة بل يتخيّر المستأجر بين الفسخ وبين المطالبة بأجرة مثل العمل.

مسألة 389: إذا لم يكن المؤجر مالكاً للعين المستأجرة بل مالكاً لمنفعتها ما دام حيّاً - بوصيّة مثلاً - فمات أثناء مدّة الإجارة بطلت حينئذٍ بالنسبة إلى المدّة الباقية، نعم لمّا كانت المنفعة في بقيّة المدّة لورثة الموصي فلهم أن يجيزوها بالنسبة إلى تلك المدّة فتقع لهم الإجارة وتكون لهم الأجرة.

مسألة 390: إذا آجر البطن السابق من الموقوف عليهم العين الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدّة الإجارة بطلت بالنسبة إلى بقيّة المدّة إذا لم تجزها الطبقة المتأخّرة، وفي صورة أخذ الطبقة الأُولى للأجرة كلّها يكون للمستأجر استرجاع مقدار إجارة المدّة الباقية منها من أموال الطبقة الأُولى، وأمّا إذا آجرها المتولّي - سواء أكان هو البطن السابق أم غيره - ملاحظاً بذلك مصلحة الوقف لم تبطل بموته، وكذا إذا آجرها لمصلحة البطون اللاحقة إذا كانت له ولاية على ذلك، فإنّها تصحّ ويكون للبطون اللاحقة حصّتهم من الأجرة.

مسألة 391: إذا آجر نفسه للعمل إمّا بالإتيان به مباشرة أو تسبيباً فمات قبل ذلك بطلت الإجارة على تفصيل تقدم في المسألة (388)، وأمّا إذا تقبّل العمل الكلّيّ في ذمّته من دون التقييد بذلك فمات قبل تحقيقه لم تبطل المعاملة، بل يجب أداء العمل من تركته كسائر الديون.

مسألة 392: إذا آجر الوليّ مال الطفل مدّة وبلغ الطفل أثناءها كانت صحّة الإجارة بالنسبة إلى ما بعد بلوغه موقوفة على إجازته، حتّى فيما إذا كان عدم جعل ما بعد البلوغ جزءاً من مدّة الإيجار على خلاف مصلحة الطفل، وهكذا الحكم فيما إذا آجر الوليّ الطفل نفسه إلى مدّة فبلغ أثناءها، نعم إذا كان امتداد مدّة الإيجار إلى ما بعد البلوغ هو مقتضى مصلحة ملزمة شرعاً - بحيث يعلم عدم رضا الشارع بتركها - صحّ الإيجار كذلك بإذن الحاكم الشرعيّ ولم يكن للطفل أن يفسخه بعد بلوغه.

مسألة 393: إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدّة معيّنة فتزوّجت في أثنائها لم تبطل الإجارة وإن كانت الخدمة منافية لحقّ الزوج.

مسألة 394: إذا آجرت نفسها بعد التزويج توقّفت صحّة الإجارة على إجازة الزوج فيما ينافي حقّه ونفذت الإجارة فيما لا ينافي حقّه.

مسألة 395: إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيباً فإن كان عالماً به حين العقد فلا أثر له، وإن كان جاهلاً به فإن كان موجباً لفوات بعض المنفعة كخراب بعض بيوت الدار قسّطت الأجرة ورجع على المالك بما يقابل المنفعة الفائتة وله فسخ العقد من أصله، هذا إذا لم يكن الخراب قابلاً للانتفاع أصلاً ولو بغير السكنى، وإلّا لم يكن له إلّا خيار العيب.

وإن كان العيب موجباً لنقص في المنفعة كبطء سير السيّارة كان له الخيار في الفسخ وليس له مطالبة الأرش، وإن لم يوجب العيب شيئاً من ذلك لكن يوجب نقص الأجرة ككون السيّارة مخسوفة البدنة كان له الخيار أيضاً، وإن لم يوجب ذلك أيضاً فلا خيار .

هذا إذا كانت العين شخصيّة أمّا إذا كانت كلّيّة وكان المقبوض معيباً كان له المطالبة بالصحيح ولا خيار في الفسخ، وإذا تعذّر الصحيح كان له الخيار في أصل العقد.

مسألة 396: إذا وجد المؤجر عيباً في الأجرة وكان جاهلاً به كان له الفسخ وليس له المطالبة بالأرش، وإذا كانت الأجرة كلّيّة فقبض فرداً معيباً منها فليس له فسخ العقد، بل له المطالبة بالصحيح، فإن تعذّر كان له الفسخ.

مسألة 397: يجري في الإجارة خيار الغبن - على تفصيل تقدّم نظيره في البيع - كما يجري فيها خيار العيب وخيار الشرط - حتّى للأجنبيّ - ومنه خيار شرط ردّ العوض نظير شرط ردّ الثمن، وكذا خيار تخلّف الشرط الصريح أو الارتكازيّ، ومنه خيار تبعّض الصفقة وتعذّر التسليم والتفليس والتدليس والشركة، ولا يجري فيها خيار المجلس ولا خيار الحيوان ولا خيار التأخير على النحو المتقدّم في البيع، نعم مع التأخير في تسليم أحد العوضين عن الحدّ المتعارف يثبت الخيار للطرف.

مسألة 398: إذا حصل الفسخ في عقد الإيجار ابتداء المدّة فلا إشكال، وإذا حصل أثناء المدّة فإن لم يكن الخيار مجعولاً للفاسخ على نحو يقتضي التبعيض وبطلان الإجارة بالنسبة إلى ما بقي خاصّة - كما هو الحال في شرط الخيار غالباً - كان موجباً لانفساخ العقد في جميع المدّة، فيرجع المستأجر بتمام المسمّى، ويكون للمؤجر أجرة المثل بالنسبة إلى ما مضى.