الشنتوية: هي إِحدى الديانات اليابانية الوضعية، والتي لا ترتبط بالسماء ولا بالوحي أَساساً، وقد ظهرت للوجود منذ قرون عديدة في اليابان كما جاء عنهم، ولا زَالت هي الدين السائِد على ساحة المعتقدات اليابانية.
ومن الصعب جداً معرفة الديانة الشنتوية بكل تفاصيلها، من حيث النشأة، ومن الذي أنشأها؟ وما هي المعتقدات التفصيلية لهم؟ فبقيت تلك الأسئلة لا جواب لها، فلم يُعرف مؤسسها، ولم يتم التعرف على المدعيات الواضحة والمعتقدات للديانة، سوى تلك العادات والممارسات التي تظهر من المتعبدين بهذه الديانة في اليابان.
وكلمةُ الشّنتوية أَو (الشّنْتو) منقولةٌ عن اللغة الصينية (شن تو) وتعني طريق الآلهة أَو الأَرواح، وباللغة اليابانية (كامي)، وتعني تقديس الأرواح، فـ (الكامي) هو عنصر أَساسي في عقيدة الشنتو حيث إنَّه يعني شيئاً له القداسة، وهو موجود في الحياة اليومية، ويؤثّر في الإِنسان، بحيث يبعث فيه مشاعر الاحترام والقداسة أَو مشاعر الغموض والانبهار.
ولكن كلمة (الكامي) تبقى مجهولة وخفية حتى على أتباع الشنتوية أنفسهم، فقد أَقرَّ أَحد فقهاء الشنتو في القرن الثامن عشر، وهو (موتوري نورينجا) بعجزه عن فهم معنى الكلمة، وراح يعرّفها بصورة عامة، وبألفاظ مُقدّسة.
معتقدات الشنتوية:
ليس لعقيدة التوحيد مكان في الشنتوية، فبسبب تعدد المظاهر التي يمكن أن تتجلى فيها القوى الإلهية، ربط اليابانيون بين كل ظاهرة وآلهة معينة، وأَعداد (الكامي) لا يمكن حصرها، ويمكن لأَي شخصٍ أَن يُعيّن آلهتهُ الخاصة.
لا يوجد في الشنتوية تعريف للمطلق، فلا يمكن لأَحد أَن يدّعي الصواب المطلق، ولا الخطأ المطلق، فالناس في طبيعتهم غير معصومين من الخطأ، وتفترض الشنتوية أَن الإِنسان كائنٌ طيبٌ في الأَساس، وأَن الشَّرَّ يقع نتيجة تدخّلِ الأَرواحِ الشِّريرة، وهذه الأرواح تندفع بتلك الطقوس أو العبادات الشنتوية التي يقوم بها أَتباعها، فإِقامة الصلوات وتقديم القرابين لـ(الكامي) هي لأجل ذلك الهدف، والتي من أَجلها تكثرت طقوسهم وصلواتهم.
ومن عقائدهم أنه لا يوجد في الشنتوية حياةٌ بعد الموت، ويعتبر جسد الشخص الميت شيئاً مُدنساً، تنطلق روح الميت بعد أن تتحرر من جسدها المادي فتندمج مع قوى الطبيعة.
ومن معتقداتهم: أن للشمس مكانةً كبيرةً عندهم، وتسمى (أمايتراسو) ومنها الضوء، فمعتقدهم أنَّ السلالة الإمبراطورية التي تحكم اليابان منذ آلاف السنين مقدسة، وسبب قداستها أنَّ مؤسسها الأول سليل الشمس المقدسة، وقد وصل إلى الأَرض عبر جسر عائم قائم بين السَّماء والأرض، وبناءً على ذلك، فمنـزلة الصنم المقدَّس (الشمس) مستمرة أبدية طالما أن حفيده قيصر على اليابان، ومن ذلك: اعتقادهم أنَّ الإمبراطور الياباني سليل الآلهة المباشرة، وهو يحظى باحترام اليابانيين بصورة كبيرة، فعندما يمرّ موكب الإمبراطور في الشوارع، فالكلّ ينحني والعين مقفلة، أمّا صوته فهو سرّ لا يسمعه إلاَّ الصفوة من رجال البلاط.
وقد ولَّد ذلك نزعة عند اليابانيين إلى إظهار التفوق، وتبريرهم يقوم على مقولة هي: ما دام أنَّ الإمبراطور الياباني سليل الآلهة مباشرة، فهذا كافٍ لتكون اليابان متفوّقة على بقية الأمم والشعوب،
عبادتهم:
وأما بالنسبة لعبادتهم فهي عبارة عن قرابين وصلوات وتطهير، والقربان (شينس Shinse) غالباً ما يكون من الحبوب أو الشراب، وفي الزمن الحالي جرت العادة أن يكون القربان من المال، أو قد يكون رمزياً في صورة غصن من شجرة السكاكي، وأَما الصلوات (Norito): فهي عبارة عن كلام وأَدعية يقوم بها المصلي، وأما فعل التطهّر هاراي (Harai) بالإِضافة إِلى الاغتسال، عندما يلوح الكاهن بفرع من شجرة السكاكي أَو ورقة منها إِلى رأس المتطهر.
ومن عباداتهم أَيضاً: هناك وليمةٌ رمزيةٌ Neori))، وهي إشارة إلى تناول الطعام مع (كامي)، وتتبع هذه الطقوس عملية تناول شراب (ميكي) المقدس، وهو مصنوع من شراب الأرز المخمر.
ولدى الشنتوية مزاراتٌ وأماكن للعبادة وأداء القرابين تصل إلى (800.000) ألف مزار في عموم اليابان، أَشهرها: هيكل مدينة (آيس) على المحيط الهادي، وهيكل (تيشا (Taisha في (إزومو)، وهو يحمل اسم العشيرة.
المصادر:
كتاب (الموسوعة العربية) لمؤلفه: عبد الحميد صالح، كتاب (المعتقدات الدينية لدى الشعوب) لمؤلفه: جفري بارنور، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام.
المصدر: مجلة اليقين العدد (26)