نص الشبهة:
من المعلوم أن الحسن (رضي الله عنه) من أهل الكساء عند الشيعة، ومن الأئمة المعصومين ، شأنه في ذلك شأن أخيه الحسين (رضي الله عنه)، فلماذا انقطعت الإمامة عن أولاده واستمرت في أولاد الحسين ؟!! فأبوهما واحد وأمهما واحدة، وكلاهما سيِّدان، ويزيد الحسن على الحسين بواحدة هي أنه قبله وأكبر منه سناً، وهو بكر أبيه؟! هل من جواب مقنع؟!
الجواب:
أولاً: إن النسب وإن كان له قيمة، ولكنه ليس هو الميزان والمعيار في استحقاق الإمامة، بل المعيار هو الاختيار الإلهي لصفوةٍ خلقهم، وعًلِم سرائرهم، وخَبَر حالهم، وأهَّلهم بألطافه الغيبية لمقام النبوة، أو الإمامة.. واختارهم من أهل بيت بعينه، عاشوا فيه الطهارة بجميع حالاتها ومراتبها وأوضاعها، وفي جميع مراحل حياتهم.
فإن كان لديكم اعتراض وسؤال على ذلك، فلا يتوجه إلى الشيعة، بل هو اعتراض على الله سبحانه.. حيث حسم الأمر في آية مباركة تقول: ﴿... اللّه أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ...﴾ الأنعام:124.
ثانياً: إننا نرد السؤال عليكم عن إسحاق، وإسماعيل، فنقول لكم: لماذا فضل الله تعالى إسماعيل على إسحاق، فجعل من ذريته سيد الكائنات، وأفضل الخلق محمداً (صلى الله عليه وآله)، ولم يجعله في ذرية إسحاق، مع أن كثيراً من الأنبياء كانوا من إسحاق باستثناء نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) وآبائه(عليهم السلام).
كما أن النبوة في ذرية يعقوب كانت في واحد من أولاده الاثني عشر، دون سائر أولاده.. كما أن ابن نوح الذي ذكره الله عز وجل في كتابه لم يكن من أهل النجاة، بل كان من الهالكين، فضلاً عن أن ينال مقام النبوة أو الإمامة.. فكانت النبوة في بعض ذرية نوح دون بعض، وكذلك الحال بالنسبة لموسى وهارون، فإن النبوة كانت في ولد هارون لا في ولد موسى(عليهما السلام).. ألا يدل ذلك على أن الله تعالى لا يختار الأنبياء والأوصياء على أساس النسب. وإنما وفق معايير وعوامل أخرى، قد يكون للنسب فيها بعض الأثر، من حيث هو عامل مساعد في توفير المحيط الخالص في طهره، والزاخر في نفحات القداسة، والطافح بالمعاني والقيم الروحية؟!
ثالثاً: إن نفس السؤال قد تضمن الإشارة إلى الجواب، فقد ذكر أن الحسن والحسين كانا من أهل الكساء..
وهذه إشارة إلى حديث الكساء الذي رواه أهل السنة بأسانيد صحيحة.. وقد جاء هذا الحديث تطبيقاً لآية التطهير: ﴿... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ الأحزاب :33.
فإنه تضمن تطهير الخمسة: النبي، وعلي، وفاطمة، والحسنين (عليهم السلام).
ولم يدخل رقية وأم كلثوم زوجتي عثمان، مع أن أهل السنة يقولون: إنهن أيضاً بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) على الحقيقة، لا بالتربية.
ولم يدخل العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله)، ولا أبناءه، ولا غيرهم من أبناء عمومة النبي (صلى الله عليه وآله)، مع أنه أدخل علياً (عليه السلام) وهو ابن عمه، والعم أقرب من ابن العم، إلا في صورة اجتماع ابن عم للأب والأم مع عم للأب فقط، فإن ابن العم هنا يكون أقرب من العم.
(ميزان الحق (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي)
المصدر: مجلة اليقين، العدد (15)، الصفحة (10).