قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله الأَنْصَارِيَّ كَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله، وكَانَ رَجُلاً مُنْقَطِعاً إِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ..).
اسمه وكنيته ونسبه:
أبو عبد الله، جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري الخزرجي.
ولادته:
لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ ولادته ومكانها، إلّا أنّه من أعلام القرن الأوّل الهجري.
صحبته:
كان(رضي الله عنه) من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله)، والإمام علي والإمام الحسن والإمام الحسين والإمام زين العابدين(عليهم السلام).
جوانب من حياته:
شهد بدراً وثماني عشرة غزوة مع النبي(صلى الله عليه وآله)، وشهد حرب صفّين مع الإمام علي (عليه السلام)، وكان من شرطة الخميس في الكوفة.
- كان من السابقين الأوّلين الذين رجعوا إلى الإمام علي (عليه السلام) [1] .
- أدرك الإمام الباقر (عليه السلام)، إلّا أنّه تُوفّي قبل إمامته، وله من المكانة بحيث أنّ الإمام الباقر (عليه السلام) يروي عنه، فعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: (حَدَّثَنِي جَابِرٌ عَنْ رَسُولِ الله (صلى الله عليه وآله) ولَمْ يُكَذَّبْ [جَابِرٌ]: أَنَّ ابْنَ الأَخِ يُقَاسِمُ الْجَدَّ)[2].
- كان من الثلّة القليلة التي تعرف تأويل الآية الشريفة: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ)[3] ؛ أي أنّه كان يؤمن بالرجعة، فإنّ من النادر أن يعتقد أحد بالرجعة في القرن الأوّل الهجري.
- وهو أوّل مَن زار قبر الإمام الحسين (عليه السلام) في أيّام أربعينيّته، وبكى عليه كثيراً.
من أقوال الأئمّة(عليهم السلام) فيه:
1- عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ أَبِي عَبْدِالله(عليه السلام) قَالَ: (إِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله الأَنْصَارِيَّ كَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله، وكَانَ رَجُلاً مُنْقَطِعاً إِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ..)[4] .
2- عن محمد بن مسلم وزرارة قالا: سألنا أبا جعفر (عليه السلام) عن أحاديث فرواها عن جابر، فقلنا: مالنا ولجابر؟ فقال (عليه السلام): (بلغ من إيمان جابر أنه كان يقرأ هذه الآية: (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ)[5] .
حبّه لأهل البيت(عليهم السلام):
كان(رضي الله عنه) منقطعاً إلى أهل البيت(عليهم السلام)، ثابتاً على حبّهم، فعن أبي الزبير قال: (رأيت جابراً متوكّأً على عصاه وهو يدور في سكك المدينة ومجالسهم وهو يقول: علي خير البشر، فمَن أبى فقد كفر، يا معشر الأنصار، أدّبوا أولادكم على حبّ علي، فمَن أبى فلينظر في شأن أُمّه)[6].
لقاؤه بالإمام الباقر(عليه السلام):
كان(رضي الله عنه) يتلهّف للقاء الإمام الباقر (عليه السلام) لرواية سمعها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حيث كان يجلس في مسجد النبي(صلى الله عليه وآله) وينادي: ... يا بَاقِرَ الْعِلْمِ يَا بَاقِرَ الْعِلْمِ فَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ - جَابِرٌ يَهْجُرُ، فَكَانَ يَقُولُ: لَا والله مَا أَهْجُرُ ولَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ:
إِنَّكَ سَتُدْرِكُ رَجُلاً مِنِّي اسْمُه اسْمِي وشَمَائِلُه شَمَائِلِي يَبْقُرُ الْعِلْمَ بَقْراً فَذَاكَ الَّذِي دَعَانِي إِلَى مَا أَقُولُ، قَالَ: فَبَيْنَا جَابِرٌ يَتَرَدَّدُ ذَاتَ يَوْمٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ إِذْ مَرَّ بِطَرِيقٍ فِي ذَاكَ الطَّرِيقِ كُتَّابٌ فِيه مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْه قَالَ: يَا غُلَامُ أَقْبِلْ، فَأَقْبَلَ، ثُمَّ قَالَ لَه: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: شَمَائِلُ رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وآله) والَّذِي نَفْسِي بِيَدِه، يَا غُلَامُ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: اسْمِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَأَقْبَلَ عَلَيْه يُقَبِّلُ رَأْسَه ويَقُولُ: بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي أَبُوكَ رَسُولُ اللَّه (صلى الله عليه وآله) يُقْرِئُكَ السَّلَامَ...)[7].
حديث اللّوح الأخضر:
وهو من الأحاديث المهمة التي تذكر النص على أسماء الأئمة الإثني عشر واحداً بعد واحد بكيفية وخصوصيات مميزة، وهو مما اشتهرت روايته عن طريق جابر(رضي الله عنه)، فعن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: قال أبي [الإمام محمّد الباقر] (عليه السلام) لجابر بن عبدالله الأنصاريّ: إنّ لي إليك حاجة، فمتى يخفّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها، فقال له جابر: في أيّ الأوقات شئت، فخلا به أبو جعفر (عليه السلام)، فقال له: يا جابر أخبرني عن اللّوح الذي رأيتَه في يدَي أُمّي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما أخبرتْك به أنّه في ذلك اللوح مكتوباً، فقال جابر: أشهد بالله أنّي دخلت على أُمّك فاطمة عليها السّلام في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)
أُهنّئها بولادة الحسين عليه السّلام، فرأيت في يدها لوحاً أخضر فظننت أنّه من زمرّد، ورأيت فيه كتابة بيضاء شبيهة بنور الشمس، فقلت لها: بأبي أنتِ وأُمّي يا بنت رسول الله، ما هذا اللوح؟
فقالت (عليها السلام):
هذا اللوح أهداه الله عزّ وجلّ إلى رسوله (صلى الله عليه وآله)، فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابنيَّ وأسماءُ الأوصياء من ولْدي، فأعطانيه أبي ليسرّني بذلك، قال جابر:
فأعطتنيه أُمُّك فاطمة (عليها السلام) فقرأته وانتسخته، فقال له أبي [الباقر] (عليه السلام):
فهل لك يا جابر أن تعرضه علَيّ؟ فقال: نعم، فمشى معه أبي (عليه السلام) حتّى انتهى إلى منزل جابر، فأخرج إلى أبي صحيفة من رقّ، فقال: يا جابر انظر أنت في كتابك لأقرأه عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه عليه أبي عليه السّلام، فوالله ما خالف حرفٌ حرفاً، قال جابر: فإنّي أشهد بالله أنّي هكذا رأيته في اللّوح مكتوباً..)[8] .
روايته للحديث:
يعتبر من رواة الحديث في القرن الأوّل الهجري، فقد روى أحاديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والإمام علي (عليه السلام)، وفاطمة الزهراء ((عليها السلام))، كما روى عنه الإمام الباقر (عليه السلام).
وفاته (رضي الله عنه):
تُوفّي (رضي الله عنه) عام 78هـ بالمدينة المنوّرة.
مجلة بيوت المتقين العدد (24)