التكامل في الإسلام

  التكامل في الإسلام

ألف المؤرخ أحمد أمين، كتاباً أسماه (التكامل في الاسلام)، وعند ذكره نعرف أن المقصود به هو العراقي أحمد أمين، لا المصري، ككثير من الكتّاب الذين أصبح لقبهم من مؤلفهم، وهو ولد في مدينة الكاظمية المقدّسة من أبوين کريمين سنة ۱۳۲۰هـ ، وترعرع في أحضان التقوى والفضيلة، وحاز على شهادة الدكتوراه في الفلسفة والرياضيات، ومن المتقنين للغات عدة، كالتركية، والانكليزية، والفرنسية، والفارسية، إضافة للعربية وبطلاقة، وقد عاصر العلماء وعاش بينهم كالسيد أبو الحسن الأصفهاني، والسيد محسن الحكيم، والسيد أبو القاسم الخوئي، والشيخ محمد حسن آل ياسين، والشيخ محمد رضا المظفر (قدست أسرارهم)، كتابه بمجلدين ذي غلاف فني ذو حجم 24×۱۷ وعدد صفحاته 1424، وقد ارتفع فيه مؤلّفه بالإنسان إلى المكان اللائق الذي يجب أن يكون فيه من سمو النفس وكمال الروح، معتبراً أن حياته تجربة واستعداداً وتهيؤا، وليست حياة أبدية، وما هي إلا امتحان لصبره في ذلك اليوم الذي يقف فيه على أعتاب الآخرة، وأبتعد المؤلف في معالجته عن التعصب، وبرهن أن الدين الإسلامي دین تدّبر وتفكّر، وتعمّق في خلجات النفس البشرية، ودين المنطق الصحيح والأحكام المجردة عن العصبية والخيال، وفي موضوعاته أعطى المؤلف للعقل الدور الأهم في حياة الإنسان، مهتدياً به الى أحسن السبل للاعتراف بوحدانية الخالق، واعتبر العقل هو السلّم الذي يتدرج به الإنسان إلى السمو والكال، وعالج الكاتب فيه قضية النفس الإنسانية وتكاملها، واعتراضه الصارخ على المجتمعات الغارقة في الفساد، والهاوية إلى أدنى مراتب الفجور، وأن قضية الاعتراف بالخالق ليست قضية منطقية وعلمية فحسب، بل هي رشحات النفس ولا أثر للمنطق فيها، وأوضح الكاتب أن غاية العلم مهما تألقت وسمت، فدورها ينحصر في ارتقاء النفس الإنسانية، وإيصالها إلى الله، والعمل بما يرضيه، حيث النور والسعادة الأبدية، فتمخض في كتابه أن الإيمان وحده لا يكفي لتكامل النفس وبلوغها المراتب العليا، إن لم يخضع هذا الإيمان الامتحانات دقيقة وصعبة، فإن تغلب فيها وابتعدت النفس عن المعاصي والآثام، عندئذ تسمو فتتكامل، وأوضح أيضاً أن للدين الإسلامي أسلوباً، يربي المسلم بصورة علمية وعملية، من خلال اهتمامه بشتى نواحي حياته المادية والمعنوية كالروحية والأخلاقية، فإن تداعت أخلاق أمة عاجلها الفناء، فالدين الإسلامي دين صناعة النفس وتكوينها، ويهدف ببلوغها لأعلى مزايا الكمال الملائكية، فيا عزيزي القارئ الكريم، سترى في فصول هذا الكتاب بعض ما جاء من أحكام الشريعة وكيف تكمل النفس البشرية بها، فاجتهد في اقتناءه وقراءته.

مجلة ولاء الشباب العدد (6)