يتلقى الإنسان يوميّاً العشرات من المعلومات الجديدة عبر المواقع التي يدخل إليها والفضائيات التي يراها ويستمع لها، لكن تحديد صحة هذه المعلومات يحتاج إلى فطنة ودراية بالنسبة للمستمع والمشاهد فقد أصبح الإعلام اليوم يصنع الرأي العام ويغيّر من قناعات الناس؛ لأن القائمين عليه محترفون في عملهم، والشاب المسكين هذه الأيام قليل الدراية بالحياة، وفي كل يوم تأتي إليه العشرات من الصور المفبركة، أو الحقيقية مع خبر مفبرك وغير ذلك من الأوضاع، فيصبح وضعه النفسي مضطربا نحو كل الأمور التي يعيش فيها والأشخاص الذين كان يحبهم وما شاكل ذلك.
وتكمن صعوبة القضية في أن الحصانة الفكرية للشاب في هذه الأيام شبه معدومة؛ لأن الثقافة الشخصية أصبحت قليلة، كما أن الجانب الإعلامي أصبح يعتمد على الصورة وليس على المعلومة، وبهذه الوسيلة من الصعب إقناع الإنسان بخطأ فهمه للصورة؛ وذلك لان فهم الصورة مباشرة من دون استعمال التحليل أسهل على النفس من البحث عن الخفايا.
وفي مثل هذه الحالة يبدو أن الأب مسؤول مسؤولية مباشرة عن تصحيح المعلومة، فعليه أن يبني جسور الثقة بينه وبين الشاب حتى يستطيع أن يوصل المعلومة الصحيحة بيسر ونجاح.
إلا أن هذا الأمر قد أصبح أمراً صعباً في خضمّ هذه التحولات الإنسانية التي تعصف بأفكار الشاب في هذه الأيام؛ ومن ذلك الرغبة في الخروج من الحالة المعتادة والتعلّق بكلّ ما هو جديد، كما هي رغبة الشباب في هذه الأيام.
وتبدو فطنة الأب في الخروج من هذا المأزق الذي يمر به الشاب؛ لأنه مسؤولٌ عن حمايته من تأسيس رأي مغلوط بسبب ضعف حصانته الفكرية، ومن اللازم أيضاً أنْ يراعي الأب الأسس النفسية التي يبني عليها تعامله مع هذا الوضع الخطير، فقد يكون الأب بحاجة إلى دراسة كثير من الخيارات المتاحة أمامه من أجل الوصول إلى إقناع الشاب بخطأ معلومة تلقاها من هذا الموقع أو من تلك الفضائية، وربما يحتاج إلى إعادة النظر في أسلوبه عندما يعامل شابا آخر، وان كان الهدف واحداً فليس كلّ الشباب ينهلون بنفس الأسلوب، وليس كل الشباب يقنعون بنفس الطريقة.
والمهمة خطيرة وصعبة، لكنها ليست عملاً مستحيلاً، وهي فرصة للأب حتى يعيد ترتيب أوراقه لإخراج ابنه من الظلام إلى النور.