1- عَنْ يُونُسَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله الصادق (عليه السلام) قَالَ سَمِعْتُه يَقُولُ: (مَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا وفِيه كِتَابٌ أَوْ سُنَّةٌ) [1].
2- عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله الصادق(عليه السلام) قَالَ: (كِتَابُ الله فِيه نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وفَصْلُ مَا بَيْنَكُمْ ونَحْنُ نَعْلَمُه)[2].
3- عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى الكاظم(عليه السلام) قَالَ: (قُلْتُ لَه: (أكُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ الله وسُنَّةِ نَبِيِّه(صلى الله عليه وآله) أَوْ تَقُولُونَ فِيه؟ قَالَ: بَلْ كُلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ الله وسُنَّةِ نَبِيِّه(صلى الله عليه وآله))) [3].
4- عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله الصادق(عليه السلام) يَقُولُ: (قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) وأَنَا أَعْلَمُ كِتَابَ الله، وفِيه بَدْءُ الْخَلْقِ ومَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وفِيه خَبَرُ السَّمَاءِ وخَبَرُ الأَرْضِ وخَبَرُ الْجَنَّةِ وخَبَرُ النَّارِ وخَبَرُ مَا كَانَ وخَبَرُ مَا هُوَ كَائِنٌ، أَعْلَمُ ذَلِكَ كَمَا أَنْظُرُ إِلَى كَفِّي إِنَّ الله يَقُولُ فِيه تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ) [4].
قال عبد الأعلى بن أعين: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: (قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله)): والولادة ولادتان ولادة صورية وولادة معنويـة، أمّا الصورية فظاهرة، وأمّا المعنوية فلأنّ المعلّم الربّاني أب روحاني للمتعلّم، وقد كانت له(عليه السلام) كلتا الولادتين، لأنّ جسمه المطهّر وروحه المقدّس وعقله المنوّر مشتقّة من جسم النبيّ وروحه وعقله (صلى الله عليه وآله) فعلمه عين علمه وكماله عين كماله، والولد الطيّب سرُّ أبيه ولذلك قال: (وأَنَا أَعْلَمُ كِتَابَ الله): يعني أعلمه كما اُنزل بتأييد ربّاني وإلهام لدنّي وتعليم أبويّ وإعلام نبوي، وينبغي أن يُعلم أنّ علم الأئمّة الطاهرين ليس كعلمنا ولا تعلّمهم مثل تعلّمنا بحيث يحتاجون إلى زمان طويل وفكر كثير بل هم عالمون أبداً غير جاهلين أصلاً في بدء الفطرة وأصل الخلقة، جعلهم الله تعالى أساس الدين وعماد اليقين وأثبت لهم حقّ الولاية وخصّ بهم لواء الخلافة ليفيء إليهم القاصرون ويلحق بهم الناقصون، زادهم الله شرفاً وتعظيماً وجدّد لهم توقيراً وتكريماً، ثمّ أراد أن يشير إلى أنّه عالم بالحلال والحرام وعارف بجميع الأحكام وبصير بجميع الأُمور فقال: (وفِيه بَدْءُ الْخَلْقِ) أي: أوّله وكيفيّة إيجاده ونضــــده وتركيبه وتفصيله وترتيبه وإنشاؤه بلا شبيه سَبَقه ولا نظير شبهه ولا رويّة لحقه، واخترعه بلا تجربة استفادها ولا حركة أحدثها ولا همامة نفس اضطرب فيهـــــا، وكيفيّة خلق الملائكة والروحانيّين وخلق آدم من طين ثمّ من ماء مهين وكيفيّة انقلاباته في يد التقدير من حال إلى حال وتبدّل أحواله من وصف إلى وصف وفيه علم بصفات الله وكمالاته وأسمائه.
ثم قال(عليه السلام): (ومَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ): من الوقائع اليومية والحوادث الجزئية والآثار العلويّة والسفلية وكـــلّ مــا يجري في هذا العالم من الحروب والقتال والسبي والنهــــب وغيرهــــا ممّـــا لا يحيـــــط بتفاصيله البيان ولا يقدر على تعداده اللسان.
(وفِيه خَبَرُ السَّمَاءِ): وسكّانها وحركات الأفلاك ودورانها وأحوال الملائكــــة ومقاماتهـــا وحركـــــات الكواكب ومداراتها ومنافع تلك الحركات وتأثيراتها إلى غير ذلك من الأُمور الكائنة في العلويات والمنافع المتعلّقة بالفلكيّات.
(وخَبَرُ الأَرْضِ): جوهرها وانتهاؤها وخبر ما في جوفها وأرجائها وما في سطحها وأجوائها وما في تحتها وأهوائها وخبر منافعها ومضارّها التي يتحيّر في إدراك نبذ منها عقول البشر ويتحسّر دون البلوغ إلى أدنى مراتبها طائر النظر.
(وخَبَرُ الْجَنَّةِ): ومقاماتهـــا وتفـــاوت مراتبهـــا ودرجاتهــا وخبـــر نعيمهـا ولذّاتهـا وخبر المثـاب المأجــور فيها بالانقياد والطاعة.
(وخَبَرُ النَّارِ): ودركـــاتها وتفـــاوت مراتب العقوبة ومصيباتهـــا، وخبر المعاقـب فيها للمعصيـــة، والمقيّــــد بالسلاسل للمخالفة، ويندرج فيها ما يأتي على الإنسان بعد الموت من أحوال البرزخ وتفاوت مراتبهم في النور والظلمة وتباعد أحوالهم في الراحة والشدّة.
ثم أشار(عليه السلام) إلى أنّ في القرآن جميع هذه الأقسام، وقد أكّد ذلك بقوله: (وخَبَرُ مَا كَانَ وخَبَرُ مَا هُوَ كَائِنٌ): على سبيل الإجمال بعد التفصيل، وقد عدّ جمع من المحقّقين منهم صاحب الكشّاف مثل ذلك من المحسّنات فلا يرد أنّ ذلك تكرار بلا فائدة.
ثم قال(عليه السلام): (أَعْلَمُ ذَلِكَ كَمَا أَنْظُرُ إِلَى كَفِّي): تأكيد لما مرّ من قوله: وأنا أعلم الكتاب وشبه لأنّ إدراك المحسوس أقوى من إدراك المعقول عند أكثر الناس وتنبيهاً على أنّ علمه بما في الكتاب علم شهودي بسيط كما أنّ رؤية الكفّ رؤية واحدة وقد نشأ هذا العلم من إنارة عقلية وبصيرة ذهنية وقوّة روحانية.
ثم ختم كلامه(عليه السلام): (إِنَّ الله يَقُولُ فِيه تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ): دليل على ما أشار إليه من أنّ في القرآن خبر كلّ شيء ممّا كان وما يكون وما هو كائن وبرهان له لكسر أوهام العوام التي تتبادر إلى إنكار ذلك وعدّه من المبالغة في الوصف وإذا كان حال القرآن الكريم وشأنه(عليه السلام) ذلك فلا يجوز لأحد أن يتكلّم في الأحكام وغيرها برأيه وقياسه، بل يجب عليه الرجوع إليهما والتمسّك بذيل إرشادهما.
مجلة بيوت المتقين العدد (21)