من هم الأبدال؟!

جاء في المعجم الوسيط مادة (بدل): الأبدال: جَمْعُ بَدَلْ وبَدِيل، وهم الزُّهاد، والعُبَّاد، والأولياء المخلصين لله.

و في علم الرجال يُعتبر عَدُّ الراوي من الأبدال مَدحاً من الدرجة العليا يصل إلى درجة التوثيق، فمثلاً نجدُ أنَّ الشيخ الطوسي(قدس سره) قال عن حجر بن عدي الكندي: (و كان من الأبدال)[1].

ومِنْ تتبُّع الروايات وأخبار أهل البيت(عليهم السلام) نجدُ أنّ كلمة الأبدال استُعمِلتْ في عدّة معانٍ:

الأول: الأئمة المعصومين(عليهم السلام) أو خواصّ أصحابهم:

فقد رُوِيَ عن الخالد بن الهيثم الفارسي أنه قال: قلت لأبي الحسن الرضا(عليه السلام) إنّ الناس يزعمون أنّ في الأرض أبدالاً، فمَنْ هؤلاء الأبدال؟

قال: «صدقوا، الأبدال الأوصياء، جعلهم الله عَزَّ وجَلَّ في الأرض بَدَلَ الأنبياء، إذ رفع الأنبياء وختمهم بمحمد(صلى الله عليه وآله)»[2].

الثاني: أصحاب الأئمة(عليهم السلام):

وورد في الدعاء المروي عن أم داود، عن الإمام الصادق(عليه السلام)، في النصف من رجب، قوله:

(اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَارْحَمْ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، كَما صَلَّيْتَ وَرَحِمْتَ وَبارَكْتَ عَلى اِبْراهيمَ وَآلِ اِبْراهيمَ اِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ، اَللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الاْوْصِياءِ وَالسُّعَداءِ وَالشُّهَداءِ وَاَئِمَّةِ الْهُدى، اَللّهُمَّ صَلِّ عَلَى الاْبْدالِ وَالاْوْتادِ وَالسُّيّاحِ وَالْعُبّادِ وَالْمخْلِصينَ وَالزُّهّادِ وَاَهْلِ الجِدِّ وَالاْجْتِهادِ،)[3]، قال صاحب البحار: يُحتمل أنْ يكون المراد بالأبدال في الدعاء خواص أصحاب الأئمة(عليهم السلام).

الثالث: بعض أصحاب الامام المهدي المنتظر(عجل الله تعالى فرجه الشريف) خاصة:

روى طارق بن شهاب عن حذيفة قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: «إذا كان عند خروج القائم ينادي منادٍ من السماء أيّها الناس قطع عنكم مدة الجبارين، وولي الأمر خير أمة محمد(صلى الله عليه وآله)، فالحقوا بمكة، فيخرج النجباء من مصر، والأبدال من الشام، وعصائب العراق، رهبان بالليل ليوث بالنهار، كأن قلوبَهم زبرَ الحديد، فيبايعونه بين الركن والمقام...»[4].

وَ رُوِيَ عن جابر الجعفي أنه قال: قال أبو جعفر الباقر (عليه السلام): «يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف، عدّة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم»[5].

الثالث: النخبة الصالحين من المؤمنين:

و يدلّ عليه قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) أنَّهُ قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «مَنْ دَعا للمؤمنين والمؤمنات في كلّ يوم خمساً وعشرينَ مرة، نَزَعَ اللهُ الغِلَّ من صدره، وَكَتَبُه من الأبدال إن شاء الله»[6].

ومن مجموع الروايات نستطيع القول أن مفردة الأبدال لها معنىً عامٌّ يشمل الصفوة الإيمانية والنخبة المتميّزة في كلّ عصر، وهذا المعنى العام يكون له مصاديق متعدّدة، أبرز هذه المصاديق هم الأئمّة المعصومون(عليهم السلام)، ثمّ الخواصُ من أصحابهم، ثمّ المؤمنون الخُلَّص.

مجلة ولاء الشباب العدد (26)

 


[1] الرجال‏، الشيخ الطوسي: ص61.

[2] بحار الأنوار: ج27، ص 48.

[3] البحار ج27، ص48.

[4] بحار الأنوار: ج52، ص 304.

[5] الغيبة، للشيخ الطوسي: ص476.

[6] الجعفريات، محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي: ص223.