(إنّ سعادة المجتمع تبدأ من سعادة الأسرة)
هذا المعنى هو شعار علماء التربية والاجتماع عندما يتحدثون عن دور الأسرة في البناء الاجتماعي للإنسان، وهو أحد المبادئ المهمة التي يرتكزون عليها، لإنشاء المجتمع السعيد، وذلك لأن الأسرة هي الجزء الفعّال الحيوي في المجتمع، وكلّما تماسكت وأُعدَّت إعداداً صحيحاً كلّما كان المجتمع أقرب إلى التماسك والسعادة.
ونحن ندرك أن هذا الكلام حقيقة واقعية لا ينكرها إلاّ مكابر فالفرد إذا نشأ في أسرة إيجابية متعلمة مثقفة، فهو لن يخرج عن نظامها وصفاتها العامة، وإلّا عُدَّ سلوكه المخالف شاذّاً عن الطبيعة الإنسانية.
والله تعالى في القرآن الكريم يشير إلى هذه الحقيقة عندما يذكر الأنبياء، حيث يقول سبحانه: (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ)[1]، في إشارة منه إلى دور الأسرة في صقل الفرد، وإنمائه في الطريق الأقوم.
وعلى هذا المبدأ أو القاعدة، يسير كل مجتمع أو دولة أو أُمّة، إذا ما وضعت السعادة هدفاً في حياتها، فتعتني بالأسرة وتهتم بدورها، حتى ينشأ الجيل وفق الإيجابية التي نطلبها فيها.
والمسلمون كأمّة، وحيث أنها تنتظر ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) يجب عليها مراعاة الأثر المهم للأسرة في هذا الأمر أيضاً، خصوصاً فيما يتعلق بقضية التمهيد للظهور المبارك، والأمر يحتاج إلى التفات إلى بعض النقاط الفعّالة منها:
1- زرْع حبّ الإمام المهدي (عليه السلام) في قلوب أفراد الأسرة، وتربية أبنائها على ذلك، فعلى الأب أنْ يرفد أسرته بما يحتاجه من وسائل ترتبط بالإمام المهدي(عليه السلام) من كتب ومجلات وصوتيات ومرئيات تُنمّي العقيدة المهدوية، وعلى الأُم أنْ تستغل أوقاتها في تعزيز الثقافة المهدوية في أولادها.
2- إنّ الأطفال يميلون إلى الترفيه أكثر من الانضباط والتحكم بطاقاتهم الجسمية والفكرية، فيستطيع الأب والأم أنْ يتفنّنوا في طرح القضية المهدوية فيما يلائم هذا التوجه عند الأولاد، كما في إقامة المسابقات، وتقديم الجوائز والحوافز إزاء حفظ معلومات، أو قراءة أناشيد، أو قصص، وحتى روايات تتعلق بالقضية المهدوية، أو تمثيل مشهد في ذلك.
3- مراقبة الإعلام داخل البيت، وضبطه على ما ينفع الأولاد بحيث لا يضر بعقيدتهم، فإنّ للإعلام طرقاً مشوّقةً ومنمّقةً في عرض ما يريد، فينبغي الحذر من سمومه المخلوطة بالعسل.
ولهذه الأهمية المتعلقة بدور الأسرة نفهم تأكيد بعض الروايات على دور المرأة في دولة الإمام المهدي(عليه السلام)، جاء في (بحار الأنوار) أنّ أبا جعفر الباقر(عليه السلام) قال: «وتؤتون الحكمة في زمانه، حتى أنّ المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى، وسنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله)»[2]، ففي الوقت الذي تذكر الرواية أنّ المجتمع سيؤتى الحكمة، تؤكّد على دور المرأة في ذلك المجتمع، وأنّها ستكون عالمة بالقرآن والسنّة، تحكم فيهما في بيتها.
وذكر هذا الدور للمرأة عقيب ذكر إتيان الحكمة للمجتمع، يشير إلى أنّ لها وللأسرة دوراً مهماً في وصول المجتمع إلى تلك المرحلة، مرحلة الحكمة.
مجلة ولاء الشباب العدد (34)