ولادة الإمام الرضا (عليه السلام)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خير الأنبياء والمرسلين محمد واله الطيبين الطاهرين.

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى عَلِيٍّ بْنِ مُوسى الرِّضا المُرْتَضَى الإمام التَّقِيِّ النَّقِيِّ وَحُجَّتِكَ عَلى مَنْ فَوْقَ الاَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الثَّرى الصِّدِّيقِ الشَّهِيدِ صَلاةً كَثِيرَةً تامَّةً زاكِيَةً مُتَواصِلَةً مُتَواتِرَةً مُتَرادِفَةً كَأَفْضَلِ ماصَلَّيْتَ عَلى أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيائِك.

نسبه (عليه السلام):

الإمام الرضا(عليه السلام)، هو ثامن الأئمة ألاثني عشر، الذين نص عليهم النبي(صلى الله عليه وآله): هو علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.

كنيته:

يكنى: أبا الحسن، والخاص: أبا محمد.

ألقابه:

الرضا، والصابر، والوفي، ونور الهدى، وسراج الله، والفاضل، وقرة عين المؤمنين، ومكيد الملحدين.

الولادة المباركة:

ولد في المدينة سنة 148هـ. أي: في نفس السنة التي توفي فيها جده الإمام الصادق (عليه السلام) على قول أكثر العلماء والمؤرخين مثل: المفيد في الإرشاد، والشبراوي في الإتحاف بحب الأشراف، والكليني في الكافي، والكفعمي في المصباح، والشهيد في الدروس، والطبرسي في أعلام الورى. وقبض(عليه السلام) بطوس من أرض خراسان في سنة ثلاث ومائتين، وهو يومئذ ابن خمس وخمسين سنة. وكانت مدة إمامته وقيامه بعد أبيه في خلافته عشرين سنة.

نقش خاتمه: حسبي الله.

اسم أمه: أما اسم هذه السيدة الزكية فقد اختلفت فيه أقوال الرواة، منها: الخيزران و أروى و نجمة و أم البنين و تكتم: وذهب كثير من المؤرخين إلى أن اسمها تكتم وهو آخر أساميها، وفي ذلك يقول الشاعر في مدحه للإمام (عليه السلام):

ألا إن خير الناس نفساً ووالدا        ورهطاً وأجداداً علي المعظم

اتتنــــا به للعلم والحلم ثامنـــاً            إمامــاً يؤدي حجة الله تكتم[1]

عبادتها:

 وكان من مظاهر عبادتها أنها لما ولدت الإمام الرضا(عليه السلام) قالت: أعينوني بمرضعة، فقيل لها: أنقص الدر؟ قالت: ما أكذب: ما نقص الدر، ولكن علي ورد من صلاتي وتسبيحي وقد نقص منذ ولدت. [2]

كرامة قبل الولادة:

روي عن أم الرضا(عليه السلام) أنها تقول: لما حملت بابني على لم اشعر بثقل الحمل وكنت اسمع في منامي تسبيحاً وتهليلاً وتمجيداً من بطني فيفزعني ويهولني فإذا انتبهت لم أسمع شيئاً.[3]

المولود العظيم:

وأشرقت الأرض بمولد الإمام الرضا(عليه السلام)، فقد ولد خير أهل الأرض، وأكثرهم عائدة على الإسلام، وسرت موجات من السرور والفرح عند آل النبي(صلى الله عليه وآله)، قالت أم الإمام الرضا(عليه السلام): فلما وضعته وقع على الأرض واضعاً يديه عليها رافعاً رأسه السماء يحرك شفتيه كأنه يتكلم، فدخل إليّ أبوه موسى بن جعفر(عليه السلام) فقال لي: (هنيئاً لك يا نجمه كرامة ربك).

سنة النبي(صلى الله عليه وآله): فناولته إياه في خرقه بيضاء فأذن في إذنه اليمنى وأقام في اليسرى ودعا بماء الفرات فحنكه به ثم رده إليّ، فقال: (خذيه فإنه بقيه الله تعالى في أرضه). [4]

اختيار الزوجة:

عن أبي زكريا الواسطي هشام بن أحمد قال: قال أبو الحسن الأول (الكاظم)(عليه السلام): (هل علمت أحداً من أهل المغرب قدم؟) قلت: لا، فقال(عليه السلام): (بلى قد قدم رجل أحمر فانطلق بنا)، فركب وركبنا معه حتى انتهينا إلى الرجل فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق فقال له: (أعرض علينا) فعرض علينا تسع جوار كل ذلك يقول أبو الحسن(عليه السلام): لا حاجه لي فيها، ثم قال له: (أعرض علينا)، قال: ما عندي شئ، فقال له: (بلى أعرض علينا)، قال: لا والله ما عندي إلا جارية مريضة، فقال له: (ما عليك أن تعرضها؟) فأبى عليه ثم انصرف، ثم أنه أرسلني من الغد إليه فقال لي: (قل له كم غايتك فيها؟ فإذا قال: كذا وكذا، فقل: قد أخذتها)، فأتيته فقال: ما أريد أن أنقصها من كذا، فقلت: قد أخذتها وهو لك، فقال: هي لك، ولكن من الرجل الذي كان معك بالأمس، فقلت: رجل من بني هاشم، فقال: أي بني هاشم؟ فقلت له: من نقبائهم، فقال: أريد أكثر منه، فقلت: ما عندي أكثر من هذا، فقال: أخبرك عن الوصيفة: انى اشتريتها من أقصى بلاد المغرب فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك؟ فقلت: اشتريتها لنفسي، فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه الوصيفة عند مثلك! إن هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض، فلا تلبث عنده إلا قليلاً حتى تلد منه غلاماً يدين له شرق الأرض وغربها، قال: فأتيته بها فلم تلبث عنده قليلاً حتى ولدت له علياً(عليه السلام).[5]

النص على إمامة الأئمة (عليه السلام):

1ـ النص عليهم من النبي(صلى الله عليه وآله):

أن من المسلمات أن نص النبي خير شاهد على نبوة النبي اللاحق له، ومثل هذا يقال مع الإمام، بل هو واضح مع الأئمة الاثني عشر(عليهم السلام)، ملازم لهم جميعاً، فقد ثبت النص من النبي(صلى الله عليه وآله)على الإمام والخليفة والوصي من بعده، كما يشير الى ذلك حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين، روي عن زيد بن أرقم قال: لما رجع رسول الله(صلى الله عليه وآله)من حجة الوداع نزل بغدير خم ثم أمر بدوحات فقم ما تحتهن، ثم قال: (كأني قد دعيت فأجبت إني تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)، ثم قال: (إن الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن)، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب(عليه السلام)، فقال: (من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه). ومثله عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وغيرهم كثير. كما ورد عن ثابت بن دينار عن سيد العابدين علي بن الحسين عن سيد الشهداء الحسين بن علي عن سيد الأوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) قال: (قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله) الأئمة من بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي يفتح الله تبارك وتعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها).

وكما جاء عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (أنا سيد النبيين وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين وإن أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب(عليه السلام)وآخرهم القائم).

2ـ النص من الإمام:

كما وثبت نص الإمام إلى الإمام اللاحق، وذلك بالطرق الصحيحة والكثيرة التي كانت سبباً في اطمئنان أتباع أهل البيت وأشياعهم. وهنا ينبغي التنبيه إلى أن هذه النصوص لا بد أن تكون منسجمة مع نصوص النبي(صلى الله عليه وآله) في موضوع الإمامة، من قبيل: حديث الثقلين، وحديث: الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش. فما جاء مخالفاً لهذا فهو مردود لمخالفته نص النبي(صلى الله عليه وآله)، ومن هنا صحت النصوص عنهم(عليهم السلام)، وبطلت عن غيرهم.

الولاية لا تكون إلا بوصية من النبي أو الإمام(عليهما السلام):

فلا اعتبار لما عرف بولاية العهد التي يعهد بها الخليفة إلى ابنه أو أخيه كما هو شأن الخلفاء الأمويين والعباسيين لمخالفتها لنصوص النبي(صلى الله عليه وآله) المتقدمة وغيرها، أضف إلى ذلك أن أحداً منهم لم يصل إلى الخلافة بالطريق المشروع الذي يقره الإسلام ليكون من حقه أن يوصي لمن بعده، فولاية العهد تلك إنما هي من قبيل تبادل الشئ المغصوب، فلا أثر لهذا التبادل لرفع الغصبية، بل على العكس، فهو تكريس لها وإصرار عليها. هذه هي أهم الفوارق بين عهود الأئمة (عليه السلام) وعهود الملوك، بغض النظر عن كون الأئمة(عليهم السلام) إنما يعهدون بعهد من رسول الله(صلى الله عليه وآله) لا من عند أنفسهم.[6]

النص على الإمام الرضا(عليه السلام):

فممن روى النص على الرضا علي بن موسى(عليهما السلام) بالإمامة من أبيه والإشارة إليه منه بذلك، من خاصته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته: داود بن كثير الرقي، ومحمد بن إسحاق بن عمار، وعلي بن يقطين، ونعيم القابوسي، والحسين بن المختار، وزياد بن مروان، والمخزومي، وداود بن سليمان، ونصر بن قابوس، وداود بن زربي، ويزيد بن سليط، ومحمد بن سنان.[7]

ومنها ما رواه الكليني في الكافي، ج1 ،ص311: عن ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ نُعَيْمٍ الصَّحَّافِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وهِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ وعَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ بِبَغْدَادَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ كُنْتُ عِنْدَ الْعَبْدِ الصَّالِحِ جَالِساً فَدَخَلَ عَلَيْه ابْنُه عَلِيٌّ، فَقَالَ لِي: (يَا عَلِيَّ بْنَ يَقْطِينٍ هَذَا عَلِيٌّ سَيِّدُ وُلْدِي أَمَا إِنِّي قَدْ نَحَلْتُه كُنْيَتِي)، فَضَرَبَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ بِرَاحَتِه جَبْهَتَه ثُمَّ قَالَ: وَيْحَكَ كَيْفَ قُلْتَ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ يَقْطِينٍ: سَمِعْتُ واللَّه مِنْه كَمَا قُلْتُ، فَقَالَ: هِشَامٌ أَخْبَرَكَ أَنَّ الأَمْرَ فِيه مِنْ بَعْدِه. وذكر الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا (عليه السلام): عن داود بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): جعلت فداك وقدمني للموت قبلك، إن كان كون فإلى من؟ قال: (إلى ابني موسى)، فكان ذلك الكون فو الله ما شككت في موسى(عليه السلام) طرفه عين قط، ثم مكثت نحواً من ثلاثين سنة ثم أتيت أبا الحسن موسى(عليه السلام) فقلت له: جعلت فداك إن كان كون فإلى من؟ قال: (على ابني)، قال: فكان ذلك الكون، فو الله ما شككت في علي(عليه السلام) طرفه عين قط .

قطع حبائل الكذب والافتراء:

المعصوم هو حارس الدين وحامي الشريعة، ومحيي معالم الدين وأهله، وهادم أبنية الشرك. وهذا هو نهجهم (عليهم السلام)، فقد تصدوا لكثير من العقائد الفاسدة والآراء المنحرفة، فمثلا الإمام الكاظم (عليه السلام) تصدى لما روج له المبطلون من انه ليس هناك ميزة لولد فاطمة(عليها السلام) ـ  أعني الأئمة (عليهم السلام) عن باقي بني هاشم وبالتحديد عن بني العباس، وفاتهم أن منصب الإمامة منصب إلهي عظيم كمنصب النبوة لا يصلح له إلا ذو نسب وشرف رفيع كالنبي بلا فارق. وهذه مزية أئمة أهل البيت (عليهم السلام) دون سواهم، بلا خلاف ولا نزاع، بل لا يدانيهم فيه حتى بني عمومتهم. روى الخطيب في تاريخه: أن هارون العباسي حج مرة ومعه الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فأتى قبر النبي(صلى الله عليه وآله) وحوله قريش وشيوخ القبائل، فقال: السلام عليك يا رسول الله يا ابن عمي. افتخاراً على من حوله، فدنا الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام)، فقال: (السلام عليك يا رسول الله يا أبت). فتغير وجه هارون، وقال: هذا الفخر ـ يا أبا الحسن ـ حقاً. [8]

حديث نزول الخالق إلى السماء الدنيا:

ومن جملة القضايا التي أوضحها الإمام الرضا (عليه السلام) وتصدى لها وكشف عن الزيف الذي وضعه المحرفون والضالون، قضية رؤية الخالق جل وعلا. روى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا(عليه السلام) ج 1، ص116: عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى(رضي الله عنه)عن إبراهيم بن أبي محمود؟ قال: قلت للرضا(عليه السلام): يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنه قال: إن الله تبارك وينزل كل ليلة جمعة إلى السماء الدنيا فقال: (لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه والله ما قال رسول الله كذلك إنما قال: إن الله تعالى ينزل ملكاً إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادى هل من سائل فأعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فاغفر له؟ يا طالب الخير أقبل ويا طالب الشر أقصر فلا يزال ينادى بهذا حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء. حدثني بذلك أبي عن جدي عن آبائه عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)).

حديث خلق آدم:

وذكر في ص110: عن الحسين بن خالد، عن الإمام الرضا(عليه السلام)، قال: قلت للرضا(عليه السلام): يا بن رسول الله إن الناس يروون أنّ رسول الله، قال: إنّ الله خلق آدم على صورته فقال(عليه السلام): (قاتلهم الله لقد حذفوا أوّل الحديث، إن رسول الله مرّ برجلين يتسابّان فسمع أحدهما يقول لصاحبه: قبّح الله وجهك ووجه من يشبهك. فقال(صلى الله عليه وآله): يا عبد الله لا تقل هذا لأخيك، فانّ الله عزّ وجلّ خلق آدم على صورته).

لماذا عقيدة الجبر:

 إن أدنى مراجعة لتاريخ الحكام آنذاك ـ العباسيين والأمويين على حد سواء ـ لكفيلة بأن تظهر بجلاء مدى منافاة تصرفات أولئك الحكام، وسلوكهم، وحياتهم لمبادئ الإسلام وتعاليمه. الإسلام، الذي كانوا يستطيلون على الناس به، ويحكمون الأمة ـ حسب ما يدعون ـ باسمه، وفي ظله. حتى لقد أصبح الناس، والناس على دين ملوكهم، يتأثرون بذلك، ويفهمون خطأ: أن الإسلام لا يبتعد كثيراً عما يرون، ويشاهدون، مما كان من نتائجه شيوع الانحراف عن الخط الإسلامي القويم. بنحو واسع النطاق، ليس من السهل بعد السيطرة عليه، أو الوقوف في وجهه. ولقد ساعد على ذلك، وزاد الطين بلة، فريق من أولئك الذين اشتريت ضمائرهم، ممن يتسمون، أو بالأحرى سماهم الحكام ب العلماء حيث إنهم قاموا يتلاعبون بمفاهيم الإسلام، وتعاليمه، لتوافق هوى، وتخدم مصالح، أولئك الحكام المنحرفين، الذين أغدقوا عليهم المال، وغمروهم بالنعمة. حتى إن أولئك المأجورين قد جعلوا عقيدة الجبر ـ الواضح لكل أحد زيفها وسخفها ـ من العقائد الدينية الإسلامية، من أجل أن يسهلوا على أولئك الحكام استغلال الناس، ولكي يوفروا لهم حماية لتصرفاتهم تلك، التي يندى لها جبين الإنسان الحر ألماً وخجلاً، إذ أنهم يكونون بذلك قد جعلوا كل ما يصدر منهم هو بقضاء من الله وقدره، ولذا فليس لأحد الحق في أن ينكر عليهم أي تصرف من تصرفاتهم، أو أي جناية من جناياتهم. وكان قد مضى على ترويجهم هذه العقيدة المبتدعة ـ حتى زمان المأمون ـ أكثر من قرن ونصفاً، أي من أول خلافة معاوية، بل وحتى قبل ذلك أيضاً.[9]

الإمام يمحق الباطل:

عن عمير بن معاوية الشامي قال: دخلت على علي بن موسى الرضا(عليه السلام) بمرو فقلت له: يا بن رسول الله روى لنا عن الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام) قال: إنه لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين فما معناه؟ قال: (من زعم أن الله يفعل أفعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ومن زعم أن الله عز وجل فوض أمر الخلق والرزق إلى حججه(عليه السلام) فقد قال بالتفويض والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك). فقلت له: يا بن رسول الله فما أمر بين أمرين؟ فقال: (وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا به وترك ما نهوا عنه). فقلت له: فهل لله عز وجل مشيه وإرادة في ذلك؟ فقال: (فأما الطاعات فإرادة الله ومشيته فيها الأمر بها والرضا لها والمعاونة عليها، وإرادته ومشيته في المعاصي النهى عنها والسخط لها والخذلان عليها)، قلت: فهل لله فيها القضاء؟ قال: (نعم من فعل يفعله العباد من خير أو شر إلا ولله فيه قضاء). قلت: ما معنى هذا القضاء؟ قال: (الحكم عليهم بما يستحقونه على أفعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة). [10] كما روى الشيخ الصدوق في التوحيد، ص361: عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام)، قال: ذكر عنده الجبر والتفويض، فقال: (ألا أعطيكم في هذا أصلاً لا تختلفون فيه ولا تخاصمون عليه أحداً إلا كسرتموه)، قلنا: إن رأيت ذلك، فقال: (إن الله عز وجل لم يطع بإكراه، ولم يعص بغلبة، ولم يهمل العباد في ملكه، هو المالك لما ملّكهم، والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله عنها صاداً ولا منها مانعاً وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه)، ثم قال(عليه السلام): (من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه) .

الإمام (عليه السلام) والولاية:

سفينة النجاة:

أخرج الصدوق في الإكمال بسنده إلى الإمام الرضا(عليه السلام) عن آبائه، قال:... عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه ،عن آبائه(عليهم السلام) قال: (قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من أحب أن يتمسك بديني، ويركب سفينة النجاة بعدي فليقتد بعلي بن أبي طالب، وليعاد عدوه وليوال وليه، فإنه وصيي، وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد وفاتي، وهو إمام كل مسلم وأمير كل مؤمن بعدي)، ثم قال(عليه السلام): (الحسن والحسين إماما أمتي بعد أبيهما، وسيدا شباب أهل الجنة، وأمهما سيدة نساء العالمين، وأبوهما سيد الوصيين. ومن ولد الحسين تسعة أئمة، تاسعهم القائم من ولدي، طاعتهم طاعتي ومعصيتهم معصيتي، إلى الله أشكو المنكرين لفضلهم، والمضيعين لحرمتهم بعدي)...

علي(عليه السلام) أبو هذه الأمة:

 أخرج الصدوق في الإكمال ص261 أيضا: عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه(عليهم السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله):... وأنا وعلي أبوا هذه الأمة، من عرفنا فقد عرف الله، ومن أنكرنا فقد أنكر الله عز وجل، ومن علي سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين، ومن ولد الحسين تسعة طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، تاسعهم قائمهم ومهديهم).

حديث السلسلة الذهبية:

 عن إسحاق بن راهويه، قال: لما وافى أبو الحسن الرضا(عليه السلام) بنيسابور وأراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا له: يا ابن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك؟ وكان قد قعد في العمارية، فأطلع رأسه وقال: (سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي بن أبي طالب يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله جل جلاله يقول: لا إله إلا الله حصني فمن دخل أمن من عذابي). قال: فلما مرت الراحلة نادانا: (بشروطها وأنا من شروطها).

فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.

 

لتحميل الملف اضغط هنا


[1] عيون أخبار الرضا 1 /25.

[2] عيون أخبار الرضا ج1 / أعيان الشيعة ج3، ص 636.

[3] راجع عيون أخبار الرضا(عليه السلام): الشيخ الصدوق ج1 ص29.

[4] كشف الغمة 3 / 88، عيون أخبار الرضا 1 / 18.

[5] راجع عيون أخبار الرضا (عليه السلام): الشيخ الصدوق ج1 ص29.

[6] راجع دلائل الإمامة محمد بن جرير الطبري الشيعي، ص24.

[7] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2 ص248.

[8] تاريخ بغداد 13: 32.

[9] راجع الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)، السيد جعفر مرتضى العاملي، ص310.

[10] راجع عيون أخبار الرضا(عليه السلام)الشيخ الصدوق الجزء: 1.