بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم من الأولين والآخرين.
تتلبس بعض الأحداث بصفة العالمية وفقاً لبعض الشروط والمقاييس العالمية، والتي منها وسائل الإعلام من تلفزة وإذاعات، وصحف، ومجلات، ووسائل التواصل الاجتماعي، في إحدى وسائل إضفاء صبغة العالمية على حدث ما، فعندما يهتم الإعلام بوسائله المتعددة، وبنقله المباشر، بنقل واقعة أو مسيرة أو تجمع أو مهرجان أو غير ذلك، فإن ذلك الحدث يكون عالمياً، بسبب اهتمام تلك الوسائل به.
وثمة مقياس آخر لإضفاء صفة العالمية على حدث ما، وهو مقدار مشاركة شعوب العالم في ذلك الحدث البشري وبعدد كبير، فلو كان هناك حدث ما، يشارك فيه شعوب شتى في مشارق الأرض ومغاربها، فإنه يكون عالمياً أيضاً، لأن مشاركة تلك الجنسيات فيه، يضفي عليه عنوان العالمية عليه.
ولو التفتنا إلى الزيارة المليونية في أربعينية استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) لوجدنا أنها ترسم عالميتها بريشتها الخاصة، وضمن إمكانياتها المتاحة، فرغم التكتم الكبير الذي تتعمده وسائل الإعلام العربي والعالمي على نقل صور هذه الزيارة المليونية، ورغم المخاوف التي يبديها البعض من التعامل مع هذه الزيارة الكبيرة، فإنها أثبتت وجودها رغم ذلك كله، وفرضت نفسها رغم كل تلك المحجوبية المطبقة والإقصاء المقصود من القنوات المرئية والمسموعة والمقروءة، حيث بدأت بعض الوسائل الإعلامية، وبعض المنصفين من هنا وهناك أن ينطقوا بكلمة الحق، ويصرحوا بعالمية زيارة الأربعين، فقد نشرت صحيفة الإندبندنت البريطانية مقالاً أكدت فيه بأن زيارة أربعينية الإمام الحسين(عليه السلام) يحدث فيها أكبر تجمع ديني في العالم بموسوعات الأرقام القياسية في عدة خانات.
وجاء المقال في أهمّ صحيفة إلكترونيَّة في بريطانيا والولايات المُتَّحدة (هافينجتون بوست: Tuesday 25 November 2014) بعنوان: (أعظم تجمْهُر دِيني في العالم يحدث الآن، وأنتَ على الأرجح لم تسمعْ بهِ حتَّى الآن، حيثُ يفوقُ عددُ الزَّائرين في الأربعين عددَ الحُجَّاج بخمسِ مرَّات، كما وهو أهم مِن مهرجان (كوم ميلا) الهندوسي الكبير؛ لأنَّ الأخير يحدث مرَّة كل ثلاث سنوات).
فتجمّعٌ بهذه العفوية والبساطة، وبهذه الجموع التي لم توجّه لها دعوة من أي جهة دينية أو سياسية أو غيرها، سوى تلك الدعوة الإلهية الغيبية، وحب سيد الشهداء(عليه السلام)، حريٌّ بالإعلام الحُرِّ أَن يوليه أهمية بالغة، وأن يجعله من أولياته الخبرية في نقل حوادث العالم ومجرياته، لكن مادامت ماكينة الإعلام مع الأسف بأيدٍ غير منصفة فلا نتوقع أن تكون لهذه المسيرات البشرية حصة من إعلامهم المزيف، ولا يهمنا ذلك أبداً ما دام الله تعالى بالمنظر الأعلى، وهو يرى هذه الجموع التي جاءت تسعى إلى كعبة الأحرار من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معدودات، ويتقربون إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته(عليهم السلام).
مجلة اليقين العدد (43)