شبابنا إلى أين؟

لا تزال تؤذي مشاعرنا ومشاعر الرجولة مناظر بعض الشباب الذين يكادون يذوبون رقة وأنوثة في لباسهم وطريقة كلامهم، وسلاسلهم المعلقة على صدورهم، وأصواتهم المائلة إلى التأنث والرخاوة، والموسيقى الصاخبة التي تنبعث من سياراتهم، ومكالماتهم «الجوالة» التي تدل على أن وراء سماعة المبايل ما وراءها.

لماذا هذه الميوعة؟

من أين خرج هذا النوع من الشباب ؟، وأين أقسام التربية وعلم النفس في جامعاتنا عن هذه الفئة التي تنحدر في أودية اللهو والميل إلى تقليد النساء؟ وهل هنالك دراسات تربوية درست هذه الظاهرة، وإذا كانت موجودة فأين هي، وأين إعلامنا وصحافتنا عن المناقشة الجادة لهذه التوجه الذي ينافي الفطرة؟! كيف سلك الشاب هذا الطريق البعيد عن الرجولة والشهامة؟!

سؤال أول ما يوجه إلى الأسرة التي يعيش فيها هذا الشاب، فمما لا شك فيه أن في الأسرة خللاً أوجد هذا الاتجاه «المعاكس» لقيم الرجولة، وملامح الشخصية المسلمة المستقيمة، فالأبوان إن كانا موجودين يحتاجان إلى وقفة حاسمة للمناقشة، فلربما كانا يعانيان من خلل جعلهما يرضيان بهذا التوجه للأبناء، وهذا الخلل قد يكون سلوكياً، وقد يكون حاجة وفقراً، وقد يكون انحرافاً فكرياً، وقد يكون انشغالاً بمشاغل الحياة، أو بالثروة والمال، أو بالترحال والأسفار.

الأسباب:

هناك عدة اسباب وما نذكره ليس كل الاسباب، بل نحاول نجمل اهم الاسباب لما يسمح به المقال.

من اهم وابرز الاسباب هو الفراغ، فكثير من الشباب حقيقة يعاني من مشكلة الفراغ في حياته التي تجعله معطلاً لا يدري كيف يقضي أوقات فراغه. المال، المال الزائد عن حاجة الشباب يؤدي إلى انحرافهم بلا شك، وخاصة عند الأسر التي لا يقوم الوالدان فيها بضبط وجوه الإنفاق ومراقبة سلوك أولادهم في ذلك. قصور الجانب التربوي والإرشادي في المدراس والجامعات، كثير من المجتمعات لا تدرك أهمية رسالة التربية والتوجيه والإرشاد في جميع مراحل حياة الأجيال. السماح لأصحاب القلوب الضعيفة والأجندات المشبوهة في التغرير بشبابنا وحرفهم عن أخلاقهم وقيمهم، وليس بِخافٍ علينا ما تبثّه كثير من القنوات التلفزيونية من برامج يكون هدفها تدمير أخلاق الشباب، وحثّهم على الفواحش والرذيلة.

واخيراً ضعف الوازع الدينيّ: إذ إنّ الشباب الذي تخلى أو ابتعد عن تعاليم دينه وشرعه سيقع بلا شك في الانحراف بشكلٍ أكبر من الشباب الذي تمسك بها؛ لكون الدين أحد الأسباب التي تُعزز مجال الأخلاق والقيم في نفس الإنسان، كما تُنحيه عن طريق الرذيلة والفواحش وكلّ ما يُمكن أن يؤذي ويُزعج المُجتمع والأفراد.

وما الحل يا أولي الألباب؟ لقد صدق الشاعر:

وما عَجَبٌ أن النساء ترجَّلَتْ             ولكنَّ تأنيثَ الرجال عُجَابُ.

كيف نعالج المشكلة:

الحل كما ذكرنا في طيات الكلام يبدأ من الأسرة والتربية والمتابعة، ولابد ان نحتضن هذه الشريحة من الشباب، ونبين لهم باسلوب سمح وواضح ان تقاليدنا واعرافنا الحميدة وديننا الحنيف لا يسمحان بهكذا مظهر، وعلى الجميع ان يدرك حجم الخطورة حيث اصبحت ظاهرة خطيرة وبحاجة إلى معالجة سريعة، فكل يعمل من موقعه الاسرة والمدرسة والمؤسسات والمراكز الثقافية وهكذا، حيث أن الشباب هم عماد المجتمع وركنه المتين، وهم القوة التي يُعتمد عليها في الشدائد والملمات، فلولا الشباب لساد مجتمعاتنا الهرم والضعف، فهم عنصر القوة والإنتاج فيها، وفي نواصيهم يعقد الأمل.