يُعَد «المسجد العتيق» بمدينة أوجلة من أقدم المساجد في شمال أفريقيا، تميز بأسلوب تسقيف فريد من نوعه من خلال طراز القباب المخروطية، وهو الطراز نفسه الذي ميز معمار المساجد في أوجلة دون غيرها من الواحات الأخرى بليبيا.
بُنيّ المسجد العتيق منذ بداية الفتح الإسلامي، وهو على هيئة شبه مستطيل منفرج الزوايا طوله 24 متراً وعرضه 19متراً، ويُحيط به على جهاته الأربع فناء عرضه 4 أمتار تقريباً.
قبب المسجد:
كما قسّم المسجد إلى خمسة أروقة في تفصيله، وحدد هذا التقسيم بعدد من الأعمدة المتلاصقة بمجموعة أقواس تحمل القبب الّتي يبلغ عددها 25 قبة، وهذه القِباب المدبّبة مهمّتها تشتيت أشعة الشّمس المنعكسة على السّطـح وتجمّع أكبر قدر من الهواء البارد في تجويف القبّة من الداخل، كما أنها تعمل على توزيع متناوب للظل والضوء، بحيث يكون جزء من القبة في الظل والآخر في الشمس، وبذلك ينتقل الهواء الساخن والبارد بالتناوب للحفاظ على البرودة الداخلية مما يوفر شكلاً من أشكال تكييف الهواء الطبيعي، ويتجدد من خلال الفتحات العلوية في القبة، التي تستقطب أكبر قدر من التيارات الباردة أسفل تجويف القبة من الداخل، وتمنع القباب تجمَع مياه الأمطار على السطح نظراً إلى شكلها المخروطي الذي يحول دون استقرار المياه، والحفاظ على سقف المسجد من الانهيار أو تسرب المياه داخل المسجد.
المئذنة:
مئذنة المسجد العتيق يغلب عليها طراز مئذنة السلم، ذات الشكل المخروطي والتي تشبه القباب إلى حد ما، ولكنها مفتوحة من الأعلى، وهي ترتفع من الأمام، وتقل من الخلف، ويحتوي الجزء الأمامي على نافذة صغيرة لغرض الآذان، ويصل إليها من خلال مدخل على هيئة سلم به 7 درجات، ويوجد على يسارها درج أو سلم، والمئذنة بارتفاع 6،1 متر، وعرضها يصل إلى 58،0م.
العناصر المعمارية المكونة للمسجد:
الأرضيات: أرضيات المباني بصفة عامة تكون إما على طبيعتها الترابية أو من الأحجار المتراصة أو من الرمال، وفي المسجد العتيق كانت الأرضيات على طبيعتها من الرمال الموجودة بالصحراء.
الفتحات: يُقصد بها فتحات الأبواب والنوافذ لذلك فإن أغلب فتحات النوافذ في المسجد العتيق تعتبر صغيرة جدا، حيث تستخدم في حماية المبنى من درجات الحرارة المرتفعة ودخول الهواء داخل المبنى، أما مداخل المسجد فهي ثلاثة مداخل اثنان منها في جانب السور الشرقي، والثالث في الواجهة الجنوبية هذه المداخل ذات عقود نصف دائرية لها أبواب خشبية مصنوعة من جذوع النخيل.
اللون الخارجي للواجهات:
كُسيت واجهة المسجد بمادة الطين باعتبارها مادة البناء الأساسية، بينما أستخدم الحجر في بناء أبراج الحماية والأسوار وفي بعض الأحيان تُكسى بالطين. أما اللون السائد في المسجد العتيق خاصةً هو اللون الترابي أو الطيني الذي له صلة أو علاقة بالبيئة الطبيعية، حيث يعكس درجات الحرارة العالية ويتحمل الأتربة والغبار السائد في البيئة الصحراوية.
مواد البناء: أغلب مواد البناء التي استخدمت في بناء المسجد العتيق كانت من البيئة المحلية والمتمثلة في مادة الطين الطبيعي ومنه الطين الأحمر والأبيض المتماسك، والأبيض قليل التماسك، حيث يصل سمك الجدران إلى (40) سم، بالإضافة إلى الحجر الجيري التي أستخدم في بناء الأقواس والقباب والجدران، بالإضافة إلى جذوع النخيل بعد إعادة حفرها كقنوات لتصريف مياه الأمطار من سطح المسجد، بالإضافة إلى الأخشاب المستخرجة من شجرة الأثل الصحراوية.
المحراب: وهو يعتبر صدر المسجد المتجه للقبلة، ولقد صمم محراب المسجد العتيق بحيث يكون بسيط التكوين وخالي من الزخرفة.
المنابر: مساجد واحة أوجلة تعتبر من المساجد الجامعة وقد زود بعضها بمنابر حجرية والبعض الآخر زود بمنابر خشبية. أما منبر المسجد العتيق فهو من الحجر ويتميز ببساطة التكوين والزخرفة ويقع بجانب المحراب مباشرة، ويتكون من (5) درجات.
بيت الصلاة: يتكون بيت الصلاة من خمسة أروقة موازية لجدار القبلة، والمتلاصقة بمجموعة من الأقواس تحمل القباب المخروطية وهي مقسمة من الداخل بواسطة مربعات على هيئة عقود نصف دائرية، وهذه العقود وظيفتها حمل القباب المخروطية، وتوجد خلف بيت الصلاة الصحن الذي يتم الدخول إليه من جهة الجنوب، أما الدخول للمسجد فيتم من خلال جهة الشرق.
المصدر: بيوت المتقين (96) شهر جمادى الأولى 1443هـ