نؤمن على الاجمال بأنّ جميع الأنبياء والمرسلين على حق، كما نؤمن بعصمتهم وطهارتهم، وأمّا إنكار نبوتّهم، أو سبّهم، أو الاستهزاء بهم فهو من الكفر والزندقة؛ لاَنّ ذلك يستلزم إنكار نبينا الذي أخبر عنهم وصدّقهم[1].
أمّا المعروفة أسماؤهم وشرائعهم، كآدم ونوح وإبراهيم وداود وسليمان وموسى وعيسى وسائر من ذكرهم القرآن الكريم بأعيانهم، فيجب الايمان بهم على الخصوص[2]، ومن أنكر واحداً منهم فقد أنكر الجميع، وأنكر نبوّة نبينا بالخصوص.
وكذلك يجب الايمان بكتبهم وما نزل عليهم.
وأمّا التوراة والانجيل الموجودان الآن بين أيدي الناس، فقد ثبت أنّهما محرَّفان عمّا أُنزلا بسبب ما حدث فيهما من التغيير والتبديل، والزيادات والاضافات بعد زماني موسى وعيسى عليهماالسلام بتلاعب ذوي الأهواء والأطماع، بل الموجود منهما أكثره - أو كلّه - موضوع بعد زمانهما من الأتباع والأشياع.
[1] فقد قال تعالى: (قُولُوا ءامَنَّا باِللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إلى إِبْرَاهِيمَ وإسْمعِيلَ وإسْحقَ وَيَعْقُوبَ وَالاَسْبَاطِ وما أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبيّوُنَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِموُنَ) البقرة 2: 136.
وقال تعالى: ( لكِنْ الْرَّاسِخوُنَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ والْمُؤمِنُونَ يُؤمِنوُنَ بما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمينَ الصَّلوةَ والْمؤُتُونَ الزَكوةَ وَالْمُؤمِنُونَ باللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤتِيهِمْ أجراً عَظِيماً) النساء 4: 162.
[2] وقد ورد في الروايات والاحاديث أن عدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولاً، أو ثلاثمائة وخمسة عشر على اختلاف الروايات، وهؤلاء الأنبياء لم يرد اسم أكثرهم في القرآن، فقد قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمنْهمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) غافر 40: 78، أمّا الذين ورد اسمهم في القرآن فهم ستة وعشرون:
1 - آدم: وقد ورد اسمه 18 مرّة، وقال فيه تعالى: (إنّ الله اصطفى آدَمَ ونوحَاً وءالَ إبراهيمَ وءال عمرانَ على العلمين) آل عمران 3: 33. وورد سبع مرّات بنداء «بني آدم».
2 - نوح: وورد اسمه 43 مرّة، وقال تعالى فيه: (ولقَدْ أَرْسَلْنا نوحاً إلى قومِهِ فَلَبِثَ فيهم أَلْفَ سنةٍ إِلاّ خَمسينَ عَاماً) العنكبوت 29: 14.
3- إدريس: وقد ورد اسمه مرتان، وقال تعالى فيه (واذكر في الكتب إدريس إنه كان صديقاً نبياً) مريم 19: 56.
4- هود: ورد ذكره عشر مرات، وقال تعالى فيه: (وإلى عاد أخاهم هوداً قال يقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) الاعراف 7: 65 وهود 11: 50.
5- صالح: وورد ذكره في تسع مواضع، وقال تعالى فيه: (ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صلحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون) النمل 27: 45.
6- إبراهيم: وورد ذكره في 69 مورداً، وقال تعالى فيه: (ولقد أرسلنا نوحاً وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتب..) الحديد 57: 26.
7- لوط: وورد ذكره في 27 مورداً، وقال تعالى فيه: (وإن لوطاً لمن المرسلين) الصافات 37: 133.
8 - اسماعيل: وورد ذكره في أحد عشر موضعاً، وقال تعالى فيه: (وأوحينا إلى إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب....) النساء 4: 163. وهو ابن ابراهيم عليهالسلام.
9 - اليسع: وورد ذكره مرتان، وقال تعالى فيه: (وإسمعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاً فضلنا على العلمين) الانعام 6: 86.
10- ذو الكفل: وورد ذكره مرتان، وقال تعالى واذكر (واذكر اسمعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار) سورة ص 38: 48.
11 - إلياس: وورد ذكره مرتان، وقال تعالى فيه: (وإن إلياس لمن المرسلين) الصافات 37: 123.
12 - يونس: وورد ذكره أربع مرات، وقال تعالى فيه: (وإن يونس لمن المرسلين). الصافات 37: 139.
13 - إسحق: وورد ذكره 17مرة، وقال تعالى فيه: (وبشرنه باسحق نبيا من الصلحين) الصافات 37: 112.
14 - يعقوب: وورد ذكره 16 مرة، وقال تعالى فيه: (وأوحينا إلى إبراهيم واسمعيل واسحق يعقوب والاسباط وعيسى...) النساء 4: 163.
15 - يوسف: وورد ذكره 27 مرة وقال تعالى فيه: (ومن ذريته داود وسليمن وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين) الانعام 6: 84.
16 - شعيب : وورد ذكره أحدى عشرة مرة، وقال تعالى فيه: ( وإلى مدين أخاهم شعيبا) الأعراف 7: 85، وهود 11: 84، العنكبوت 29: 36.
17 - موسى: وورد ذكره مائة وستاً وثلاثين مرة، وقال تعالى فيه: (ولقد أرسلنا موسى بأيتنا أن أخرج قومك من الظلمت إلى النور ذكرهم بأيم الله إن في ذلك لأيت لكل صبار شكور) ابراهيم 14: 5.
18- هارون: وورد ذكره عشرون مرة، وقال تعالى فيه: (ووهبنا له من رحمتنا أخاه هرون نبيا) مريم 19: 53.
19 - داود: وورد ذكره 16 مرة، وقال تعالى فيه: (وأيوب ويوس وهرون وسليمان وءاتينا داود زبورا) النساء 4: 163.
20 - سليمان: وورد ذكره 17 مرة،وقال تعالى فيه: (ولقد ءاتينا داود وسليمان علماً). النمل 27: 15.
21 - أيوب: وورد ذكره أربع مرات، وقال تعالى فيه: (وأوحينا إلى إبراهيم واسمعيل وإسحق ويعقوب والاسباط وعيسى وأيوب) النساء 4: 163.
22 - زكريا: وورد ذكره سبع مرات، وقال تعالى فيه: (وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصلحين) الانعام 6: 85.
23- يحيى: وورد اسمه خمس مرات، وهو الذي قال تعالى في: (ييحيى خذ الكتب بقوة وءاتينه الحكم صبياً) مريم 19: 12.
24 - إسماعيل صادق الوعد: وهو غير اسماعيل بن إبراهيم، وهو الذي قال تعالى فيه: (واذكر في الكتب إسمعيل إنه كان صادق الوعد رسولا نبياً) مريم 19: 54.
25 - عيسى: وورد ذكره 26 مرة، وقال تعالى فيه: (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقها إلى مريم) النساء 4: 171.
26 - محمد صلىاللهعليهوآله: وقد ورد ذكره أربع مرات بلفظ محمد، ومرة واحدة بلفظ أحمد (ومامحمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) آل عمران 3: 144.
ومن الأنبياء من ورد وصفهم دون ذكر اسمهم، كما قال تعالى: (ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقتل في سبيل الله) البقرة 2: 246.
وقد كان هؤلاء الرسل موزّعين على كافة الأمم على مر العصور، فقد قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنا في كُلِّ أُمةٍ رَسُولاً)النحل 16: 36.
وقد فضّل الله بعض الاَنبياء والرسل على البعض الآخر، فقد قال تعالى: (تِلْكَ الْرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ من كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجتٍ) البقرة 2: 253.
وقال تعالى: (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَءَاتَيْنَا دَاوُدَ زَبُوراً) الاسراء 17: 55.
وأفضل هؤلاء الاَنبياء والمرسلين هو الخمسة أولو العزم، الذين قال تعالى في حقّهم:(وَإذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبيِّينَ مِيثَ-قَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وإبراهيمَ وَمُوسَى وَعِيسى ابْنِ مَريَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثقاً غَلْيظاً) الاَحزاب 33: 7. وقال تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الْرُّسُلِ) الأحقاف 46: 35. ومعلوم أنّ عزم الأنبياء متفاوت وغير متساوٍ عند الجميع، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى ءَادَمَ مَنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً)طه 20: 115.
وأفضل هؤلاء الأنبياء والمرسلين هو خاتمهم النبي الأمين محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين... ولمزيد من الاطّلاع راجع: بحار الأنوار: 11/77، الخصال، الاَمالي للشيخ المفيد، كنز العمال: 32276 و32277 و32282 وغيرها، الميزان في تفسير القرآن: الجزء 2، ميزان الحكمة: الجزء 7. وغيرها.