لم يكن من طبعه محاولة الانتقام ممَّن أساء إليه وكان يتجاوز عن أخطاء الآخرين وكان يواجه أذيتهم له بالعفو والتسامح، ورغم كلِّ الذي لاقاه من قريش في بدء الدعوة، فإنّه عند انتصاره عليهم في فتح مكَّة عفا عنهم، عفا عن (وحشي) قاتل عمِّه حمزة (عليه السلام) كذلك فعل مع أبي سفيان وهند.
ولكن مع شدة عفوه وتسامحه (صلى الله عليه وآله) لم يكن يقبل بأدنى تجاوز لحدود الله... ولم يكن لتأخذه في الله لومة لائم ... فعندما أُخبر أنَّ فاطمة المخزومية سرقت لم يتقبل وساطة أسامة بن زيد، فقال (صلى الله عليه وآله): (يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم إنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد وأيّمُ الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها)[1].
لقد كان النبي محمّد (صلى الله عليه وآله) قدوة في الصفات الأخلاقية الفاضلة، وطبيعي أنّنا لا يمكننا أن نوفّيها حقَّها من البحث في مقالة مختصرة، بل كُلَّ ما يمكننا فعله هو أن نعطي نبذة عن الصورة الواقعية الأصيلة المشرقة والمشّرفة، حتّى يعلم المسلمون شيئاً عن أفعال وسلوك نبيِّهم العظيم(صلى الله عليه وآله)، ويضعون ذلك نصب أعينهم ومثالاً حياً لهم، قال تعالى: (لَقَدْ كَان لَكُم فِي رَسُول اللهِ اُسْوَةٌ َسَنَة...)[2].