لقد بلغ دور المرأة في واقعة الطف المراتب الشريفة والكريمة، وبيض صفحات التأريخ الإسلامي، وسجّل الخلود لمواقف فريدة، أصبحت بعد هذه المواجهة البطولية المبادئ الإسلامية التي جسّدتها المرأة المسلمة.
كما تسجّل أدوار ومواقف أخرى لها علاقة في صناعة مواقف وقفها أزواج وآباء وأبناء عطّروا جبين التاريخ، بمواقف التسليم والإخلاص لأهل البيت (عليهم السلام) وهو في الوقت نفسه يسجل دوراً مشرّفاً للمرأة المؤمنة، أمّاً أو زوجةً.
لقد انتصرت المرأة في كربلاء مرّة للحق والعدل، باعتبار أن وقفة الإمام الحسين(عليه السلام)أمام جيوش الظالمين كانت تسجيلاً لمبدأ العدل الإنساني، عندما كادت الحياة الإنسانية أن تميل كلّ الميل للانحراف الفكري والأخلاقي، وهذا معنى أن رسالة الحسين(عليه السلام) كانت من أجل الإنسانية، وانتصرت مرة أخرى في تركيز الإيمان في نفس المرأة بحيث تقدم الابن والزوج والأخ قرابين لله تعالى، وتجاوزت في ذلك طبيعتها المعتادة في الحرص على سلامة أبنائها وأزواجها وتمني دفع الغوائل عنهم إلى الحالة الأسمى في التضحية بدفع الأبناء والأزواج معاً إلى سوح الوغى وحثهم على الصمود والبسالة فيها، وتقبل استشهادهم فيها بالرضا والاطمئنان، لترسم بذلك المثل الأعلى في حب الله تعالى وخلوص الأعمال لوجهه تعالى.
وهذا لا يعني أن المرأة اليوم إذا أرادت أن تسجّل صورة مشرقة تجاه الدين وأهل البيت(عليهم السلام) تنتظر مواقف الحروب والمواقف العسكرية لتساوي نساء كربلاء في موقفها، بل أن الجانب العبادي والأخلاقي والتربوي هو ميدان اليوم لأن يبرز إيمان المرأة وعلاقتها بالله تعالى وبأهل البيت(عليهم السلام) فربما تغيرت الحياة وتطورت أساليب العيش بحيث ألغي الدور الفاعل في للمرأة في الحروب، فلا يتكرر دور أم وهب وتلك المرأة من آل بكر بن وائل، لكن يبقى الدور في صناعة الرجال وتقديم الدعم الثانوي وتربية الأبناء على الإيمان والتضحية من أجل المقدسات.
وقد تكررت مثل هذه النساء في وقتنا الحاضر، خصوصاً في الاستجابة لفتوى الجهاد المباركة، فقدمن القرابين الطاهرة من المتطوعين في الحشد الشعبي والقوات الأمنية، والبلد الذي فيه هكذا نساء ورجال لا يخيب بإذن الله تعالى.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (41)