هل يمكن للبشر أن يتصوروا الدنيا دون هذا الموجود العظيم، وهل يمكن للإنسانية أن تتطلع إلى ظهور المصلح في آخر الزمان دون ولادة أصله الكريم؟
إن نظرة فاحصة اليوم إلى المجتمعات التي ظلت في معزل عن هدي الإسلام خير مثال على هذه الحقيقة، فالتفكك الأسري، والتردي الأخلاقي، وانتشار الجرائم، وسيادة المال فوق كل اعتبار.. أمور أصبحت مألوفة فيها، يعلمها القريب والبعيد، ويقرّ بها القاصي والداني، حتى بدأت عصور الجاهلية الأولى تظهر للعيان في تلك المجتمعات بلباس جديد..
فهل يحيط بشكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) المادحون، أو يبلغ حَدَّ الثناء عليه الواصفون، وهل يمكن أن نصف مقدار تلك النعمة التي مَنّ الله بها على عباده بغير ما ذكره القرآن الكريم حيث قال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)[1].
لا بُدّ لكل المسلمين - بل لكل أفراد المجتمع البشري- أن ينظروا إلى شخص الرسول الكريم(صلى الله عليه وآله) وسيرته بعين التأمل والتدبر، بغية الاقتداء به والتأدب بآدابه والسير على نهجه وسلوكه، لأنه ما من عاقل على وجه هذه المعمورة يمكنه أن ينكر سمو خلق رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأدبه الرفيع ونهجه القويم، نعم.. يتأكد اقتداء المسلمين به باعتبارهم يعلمون أنه الإنسان الوحيد الذي يتربع على قمة عرش الكمال الإنساني دون منازع.
إننا بحاجة ماسة في مثل هذه العصور إلى التعرف لهدي الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) والوقوف على دقائق تفاصيل حياته الكريمة، وبخاصة من قبل أتباع أهل البيت (عليهم السلام) باعتبار أنهم الذين وقفوا على حقيقة أخلاق أهل البيت (عليهم السلام) وفاضل سجاياهم ومستقيم نهجهم، الأمر الذي يوصلهم بكل يسر إلى معرفة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وصولا إلى معرفة الباري عزّ وجلّ، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) هم أعظم الآيات التي تدل على الله سبحانه على الإطلاق..