هو مسجد جامع يقع في لاهور بالباكستان، ويعد برأي البعض أكثر مساجد لاهور شهرة فهو مبنى لا تخطئه العين في لاهــور، وثمّة قول مأثور في إقليم البنجاب يقول: «إذا لم تقم بزيارة لاهور، فأنت لم ترَ باكستان، وإذا لم ترَ مسجد بادشاهي، فأنت لم ترَ لاهور». وفي الحقيقة لا يمكن للعين أن تخطئ ذلك المسجد المبني من الطابوق الأحمر الكبير في مدخل مدينة لاهور التاريخية، عندما يسافر المرء عبر طريق «غراند ترنك»، الذي يربط شمال تلك المدينة بجنوبها.
وهو أيضا موقع دفن الشاعر و الفيلسوف الباكستاني المشهور (العلامة محمد إقبال).
وعلى الرغم من أن كثيرا من الأسواق تحيط بالمسجد من ثلاث جهات إلّا أن مآذن المسجد الأربع ترتفع إلى السماء و يمكن للمرء أن يرى هذا المسجد من على بعد أميال وسط الضباب الذي يغطي المدينة.
ويعتبر هذا المسجد أحد أبرز العلامات التاريخية للمدينة، وأحد المقاصد السياحية الرئيسة التي تجسّد جمال وعظمة العصر المغولي.
ويعدّ مسجد بادشاهي ثاني أكبر مسجد في باكستان، بعد مسجد الملك فيصل في مدينة إسلام آباد، ويشبه إلى حد كبير المسجد الجامع في مدينة دلهي الهندية، الذي تم بناؤه عام 1648م من قبل والد أورنجزيب، الإمبراطور شاه جهان.
وقد تم تشييد هذا المسجد الفخم قبل أكثر من 300 عام خلال العصر المغولي في القرن السابع عشر على يد الإمبراطور المغولي (أورنجزيب) الذي اشتهر بالتدين الشديد، وكان المسجد يقع خارج أسوار المدينة، ولكن الآن يتعيّن على المرء المرور بكل مظاهر الحياة الصاخبة في المدينة وهو في طريقه لهذا المسجد، الذي يقع الآن في قلب المدينة.
وقد تم بناء المسجد تحت إشراف سادس إمبراطور مغولي، أورنجزيب الامجير، الذي يُعرف في التاريخ باسم الملك الهندي، والذي يُعرف بالتزامه الشديد بالتعاليم الإسلامية، وتم الانتهاء من تشييد المسجد عام 1673م تحت إشراف شقيق أورنجزيب، المظفر حسين (المعروف أيضا باسم فداء خان كوكا)، الذي تم اختياره كحاكم لمدينة لاهور في شهر مايو (أيار) عام 1671م، وظل في هذا المنصب حتى عام 1675م.
واستغرق بناء المسجد نحو عامين، وبالتحديد من شهر مايو 1671م وحتى أبريل (نيسان) 1673م.
الفعاليات الدينية في المسجد
على مدى تاريخه الممتد لنحو 300 عاما، لم يتوقف المسجد عن القيام بدور محوري في الحياة الدينية للمدينة، حيث يأتي الناس من جميع أنحاء المدينة لهذا المسجد في عيد الفطر وعيد الأضحى، كما يكتظ المسجد بالمصلين خلال شهر رمضان، فهو يستوعب في الوقت الحالي أكثر من 100 ألف مصلّ، وتقام في المسجد بصفة دورية مسابقات لحفظ وترتيل القرآن الكريم، كما تنظّم فيه مؤتمرات للوحدة بين المسلمين.
وصف المسجد
يتميز المسجد بتصميمه الرائع، سواء من الداخل أو من الخارج، فهو من الداخل مزيّن بزخارف الجص ومكسو بالرخام، كما أنه مزيّن من الخارج بالأحجار المنحوتة والرخام على الحجر الرملي الأحمر.
وواجهة المسجد ذات ارتفاع شاهق ومبنية على الطراز المغولى ويحيط بالمسجد سور مربع مترامي الأطراف تمتد بطول أضلاعه ردهات طويلة مليئة بالأقواس وأعمدة الرخام تتخللها فتحات واسعة تطلّ على الحدائق المحيطة بالمسجد من جانبه وعلى باحة المسجد من جانب آخر ذلك إلى جانب الدرج الذي يصل الردهة بالباحة بعد كل ستة أقواس.
ويتزين الأفق بشرفة بين جدارين مكسوة بالرخام، وهو ما يضيف إلى جمال محيط المسجد، ناهيك عن كثير من المعالم المعمارية الرائعة، مثل الباحة الواسعة المربعة الشكل، والممرات الجانبية والمآذن في جهات المسجد الأربع، والمكان المخصص للصلاة وبوابة المدخل الكبيرة.
ويقع المسجد في الجهة المقابلة لحصن لاهور، وبالتزامن مع بناء المسجد، تم بناء بوابة جديدة في الحصن تعرف باسم بوابة الامجير، على اسم الإمبراطور أورنجزيب الامجير.
وبدءا من عام 1852م، بدأ القيام بإصلاحات تدريجية في المسجد تحت إشراف إدارة المسجد، إلا أنه تم القيام بإصلاحات كبيرة خلال الفترة بين عامي 1939م و1960م بتكلفة وصلت إلى 4.8 مليون روبية، وهو ما أعاد المسجد إلى هيئته الأصلية.
والحجر الرملي الأحمر الذي يميز المسجد الآن قد تم تشييده خلال الترميمات التي شهدها المسجد خلال الفترة بين عامي 1939م و1960م. وبالمثل، كانت الأرضية الأصلية لغرفة الصلاة مكونة من الطابوق وقطع الرخام، قبل أن يتم استبدال الرخام أيضا بها خلال عمليات الترميم في أوقات سابقة، ويوجد عبارتان منقوشتان في المسجد، الأولى على البوابة، والثانية على حجرة الصلاة تحت القبة الرئيسة العالية.
هو شاعر وطني باكستاني ومفكّر و فيلسوف إسلامي، وهو من الشخصيات البارزة الرفيعة المستوى التي لعبت دورا مهما في نشر الإسلام وخدمت المسلمين بإمكانات مختلفة.
ولد العلامة محمد إقبال في التاسع من شهر تشرين الثاني عام 1877م في سيالكوت في الباكستان.
بعد إنهاء تعليمه في المدرسة والكلية في سيالكوت ولاهور، سافر إقبال إلى أوروبا عام 1905م لمتابعة دراساته العليا، وبقي هناك ثلاث سنوات.
امتلك العلامة إقبال سمعة أكاديمية واسعة، حصل على شهادة الماجستير من جامعة بونجابل، وشهادة البكالوريوس من جامعة كامبردج في القانون من المملكة المتحدة، وشهادة الدكتوراه من جامعة ميونخ في ألمانيا.
وعاد إلى وطنه ولم يشعر إلا أنه خلق للأدب الرفيع وكان وثيق الصلة بأحداث المجتمع الهندي حتى أصبح رئيسا لحزب العصبة الإسلامية في الهند ثم العضو البارز في مؤتمر الله أباد التاريخي حيث نادى بضرورة انفصال المسلمين عن الهندوس ورأى تأسيس دولة إسلامية اقترح لها اسم باكستان.
وبعد معاناة شهور من سلسلة أمراض مطوّلة، توفي في 21 من شهر إبريل 1938م في لاهور بعد أن اشتهر بشعره وفلسفته، تاركا وراءه حشـــوداً من النادبين في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ودفن في قبره الواقع في طليعة مسجد بادشاهي في لاهور، باكستان.
ومما جاء من شعر إقبال في السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام):
نســـب المســيح بنــى لمريم ســـيرة بقيــت علــــى طول المدى ذكراهـــا
و المجـد يشــرق من ثــلاث مطالــع فـــي مهــد فاطمـة فمــــا أعلاهــا
هي بنت من هي زوج من هي أم من من ذا يدانــــي فـــي الفخــار أباهـا
هي ومضة مـن نور عين المصطفى هــادي الشــعوب إذا تـروم هداهــا
و لــزوج فاطمة بســـورة هـل أتـــى تـــاج يفوق الشـمس عند ضحاهـــا
هــي أســوة للأمهــــات وقـــــدوةٌ يترســم القمـــر المنيـــر خطــاهـــا
المصدر: بيوت المتقين (30) شهر جمادى الاخرة 1437هـ