الأئمة (عليهم السلام) خلفاء الله عز وجل في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى

1- عَنِ الْوَشَّاءِ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ سِنَانٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ الله (عليه السلام) عَنْ قَوْلِ الله جَلَّ جَلَالُه: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، قَالَ: (هُمُ الأَئِمَّةُ)[1].
2- عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنِ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) يَقُولُ: (الأَئِمَّةُ خُلَفَاءُ الله عَزَّ وجَلَّ فِي أَرْضِه)[2].

الشرح:

قوله (عليه السلام): (الأَئِمَّةُ خُلَفَاءُ الله عَزَّ وجَلَّ فِي أَرْضِه)، أي الخلفاء المنصوبون من جانب الله بوجوب طاعتهم والردِّ إليهم على الناس، والخليفة السلطان الأعظم والخليفة أيضاً مَن يقوم مقام الرَّجل ويسدَّ مسدَّه والهاء فيه للمبالغة، لكونهم خلفاء الله من أجل أنّهم يحفظون عباده عن المهالك ويبيّنون لهم ما أراده منهم ويفسّرون لهم أسرار التوحيد وبالجملة فهم (عليه السلام) الواسطة بين الله عزوجل وبين خلقه في جميع الأمور.
والخلفاء بعد النبي (صلى الله عليه وآله) هم اثنا عشر خليفة لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا يزال أمر أمتي ظاهراً حتى يمضي اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش)[3].

وعن جابر بن سمرة، قال: كنت مع أبي عند النبي (صلى الله عليه وآله)، فسمعته يقول: (يكون بعدي اثنا عشر أميرا)، ثم أخفى صوته، فقلت لأبي: ما الذي أخفى رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: قال: (كلهم من قريش))[4].

وعنه (صلى الله عليه وآله): (لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثنى عشر خليفة) ثم قال كلمة لم أفهمها فقلت لأبي ما قال فقال: (كلهم من قريش))[5].

وفي رواية أخرى عنه (صلى الله عليه وآله): (لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش)[6].

وهناك أحاديث كثيرة ذكرت أسماء الخلفاء واحداً بعد الأخر لم نذكرها لضيق المقام.

3- عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ الله (عليه السلام): (الأَوْصِيَاءُ هُمْ أَبْوَابُ الله عَزَّ وجَلَّ الَّتِي يُؤْتَى مِنْهَا ولَوْلَاهُمْ مَا عُرِفَ الله عَزَّ وجَلَّ وبِهِمُ احْتَجَّ الله تَبَارَكَ وتَعَالَى عَلَى خَلْقِه)[7].

الشرح:

قوله (عليه السلام): (الأَوْصِيَاءُ هُمْ أَبْوَابُ الله عَزَّ وجَلَّ الَّتِي يُؤْتَى مِنْهَا)، لمّا كان المراد بالباب الطريقَ إلى معرفة الله تعالى ومعرفة أحكامه، بوساطة الرسل ووصولها منهم إلى الأُمم بوساطة أوصيائهم ومَن حمّلوهم معارفَهم وائتمنوهم عليها من خلقه قدّرهم الله تعالى لذلك.

فهم (عليه السلام) أبواب جنّته وأبواب علمه كما قال (صلى الله عليه وآله): (أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، والبيوت إنّما تؤتى من أبوابها)[8]، ومراده أنَّ مَن طلب العلم والحكمة وأسرار الشريعة والتقرُّب إلى الله فليرجع إلى الأوصياء وليأت البيوت من أبوابها وليتّق الله فانَّ مَن أتاه من غير بابها سمّي سارقاً.

ثم قال (عليه السلام): (ولَوْلَاهُمْ مَا عُرِفَ الله عَزَّ وجَلَّ)، لأنَّ عظمته أرفع من أن يصل إليه كلُّ طالب ورفعته أجلُّ من أن ينظر إليه كلُّ شاهد وغائب، وصراطه أدقُّ من أن يتطرَّق إليه قدم الأوهام وشرعه أشرف من أن يقبل مخترعات الأفهام، وذلك لقصور أكثر الناس عن استقلال عقولهم بحقّ معرفة الله، ولم يتمّ احتجاج الله عليهم ؛ لعدم معرفة الأحكام وقصورهم عن الاطّلاع على حقائق الكتاب وبواطنه، فقوله (عليه السلام): (ولَوْلَاهُمْ مَا عُرِفَ الله) إشارة إلى كونهم أبوابَ الله تعالى، فلولا هداية الأوصياء وإرشاد الأولياء لبقوا متحيّرين في تيه الجهالة وراقدين في مرقد الضلالة كما ترى مَن أعرض عن التوسّل بهدايتهم والتمسّك بذيل عصمتهم فإنَّ بعضهم يقول بالتجسيم وبعضهم يقول بالتصوير وبعضهم يقول بالتحديد وبعضهم يقول إنّه محلٌّ للصفات وبعضهم يقول بأنّه قابل للحركة والانتقال إلى غير ذلك من المذاهب الباطلة ومن الله العصمة والتوفيق.

وفيه، عن الصادق (عليه السلام) قال (عليه السلام): (أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب، فجعل لكل شيء سببا وجعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علما، وجعل لكل علم بابا ناطقا، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن)[9].

مجلة بيوت المتقين العدد (47)

 


[1] الكافي، الشيخ الكليني، ج١، ص193.

[2] الكافي، الشيخ الكليني، ج١، ص193.

[3] أمالي الصدوق: ص388.

[4] أمالي الصدوق: ص387، صحيح مسلم: ج6، ص3.

[5] صحيح مسلم: ج6، ص3، مسند أحمد: ج5، ص90.

[6] كنز العمال: ج12، 32.

[7] الكافي، الشيخ الكليني، ج١، ص193.

[8] أمالي الصدوق: ص425.

[9] الكافي: ج1، ص183.