ترى كثير من النساء ولا سيما مَنْ هُنَّ في مقتبل العمر وفي سنِّ المراهقة أنّ مفاتن المرأة لا مشكلة في ظهورها أو إظهارها أمام الرجال والنساء على حدٍّ سواء، وأنّ هذه المظاهر أصبحت من الموضة، وهي تتماشى مع تطورات العصر ومتطلباته، وأنّ المرأة لا بدّ وأن تتجدد أحوالها وشؤوناتها وفقاً لتجدد أحوال عالم المرأة، وتواكب كلّ ما هو جديد في عالم الملبس والمأكل والعلاقات وأمثالها، وما لم تكن المرأة كذلك فإنّها ستعيش كثيراً من المتاعب والانتقادات من قِبل زملاء وأصدقاء العمل والدراسة، بل في المجتمع عموماً، وتُنعت بالمتخلّفة والرجعية، مما يؤثر ذلك سلباً على مزاج المرأة ونفسيتها، وبالتالي ستصبح المرأة منقادة ومنساقة لهذه الانتقادات والآراء، وتسلّم نفسها للرأي الجمعي أو العقل الجمعي! وهنا تكمن الخطورة، هذه الخطورة التي تولدها الأفكار والسلوكيات الجمعية، والتي يلغي فيها الفرد دور العقل الفردي والتفكير الفردي ويتجّه وراء الجمع البشري، وأنّه هو الحق.
ولا نريد هنا أن نتعرّض بالنقد والتقويم لمشكلة العقل الجمعي بشكله العام، وإنّما نريد أن نضع اليد على مشكلة انسياق النساء وراء العقل الجمعي في قضية ظهور الزينة وإظهار أمام الناس، واتباع الموضة والموديل وغيرها بحجّة التطوّر والعصرنة الحديثة، والتماشي مع نساء الغرب والعالم.
وأهم صور الخطورة على النساء اليوم من هذا التقليد الأعمى هي: زوال المفاهيم الإسلامية حول الحجاب والعفّة وغيرها من ذهنية المرأة وانعدامها تماماً، وإحلال المفاهيم الجمعية الخاطئة محلّها، وهذه الصورة أخطر من كلّ الصور التي نتصوّرها في خطورة العقل الجمعي على المرأة؛ لأنّ المنكر سيكون معروفاً، والمعروف منكراً، ويكون الحجاب تخلّفاً، وإظهار الشعر والزينة هي من التطوّر والثقافة.
وهذه هي المشكلة التي ينبغي التنبّه لها، مشكلة برمجة كثير من النساء وفقاً للعقل الجمعي، فمفهوم الحجاب اليوم ليس هو المفهوم الحقيقي للحجاب، ومفهوم العفّة والتحفّظ لدى نسبة كبيرة من النساء ليس هو مفهوم العفّة الإسلامي الحقيقي، حتى غدت المفاهيم الصحيحة في غربة، والمستأنس به هو المفاهيم العصرية التي تدعو إلى تحديث أنماط الملبس وطريقة المشي وغيرها، وباتت البرامج التحرّرية والمسلسلات والأفلام ومواقع التواصل هي المغذّي الأساس، فهل نشهد ثورة بتفكيك العقل الجمعي وتنبيه نسائنا من خطورته على الحجاب والعفّة؟
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (55)