يستدلُّ المخالفون بقوله تعالى: (قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ)[1] - وبعض الآيات التي ظاهرها أنّ الأنبياء قد أخطأوا- على عدم عصمة الأنبياء (عليهم السلام)، وأنّه مهما تدرّج الإنسان في الكمال فهو معرّض لاقتراف الذنوب.
ولكن الذي عليه مذهب أهل البيت(عليهم السلام) هو عصمة الأنبياء(عليهم السلام)، ويدل عليها من القرآن:
- قوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)، وهذا الدليل لا يختص بالنبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) فقط، وإنّما يعم جميع الأنبياء (عليهم السلام)[2].
- وكقوله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ الله)، فالله تعالى لا يأمر بإطاعة أحد من البشر إلا إذا كان معصوماً[3].
وأما في الأحاديث:
- فقد رُوي عن الإمام الرضا(عليه السلام) أنّه قال: «وإنّ العبد إذا اختاره الله لأمور عباده شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحکمة، وألهمه العلم إلهاماً، فلم يَعْيَ بعده بجواب، ولا يحير فيه عن الصواب، فهو معصوم...»[4].
- وورد أيضاً عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «الأنبياء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم؛ لأنهم معصومون مطهرون»[5].
إضافة لما تقدّم -من الأدلة القرآنية والروائية- ما دلّ عليه العقل:
1ـ لو لم يكن النبيّ معصوماً لانتفى الوثوق بكلامه، ويصير تنصيبه عبثاً ولغواً.
2 ـ لو جاز للنبيّ الخطأ لاحتاج إلى مَن يسدّده! والأمر باتّباع النبي لغيره قبيحٌ، وذلك المسدِّد إمّا أن يكون معصوماً، وهو المطلوب؛ وإمّا لا، فيحتاج إلى مسدّد آخر، وهلّم جرّاً.
3 ـ إنّ من أغراض النبوّة إقامة العدل، ومنع الظلم، فلو صدرت المعصية من النبيّ لانتفى غرض النبوّة؛ لأنّ المعصية ظلم.
4 ـ إنّ النبيّ أُسوةٌ وقدوةٌ، فلو صدر منه الكذب والمعصية لاقتدى به الناس، ولانتفت فائدة بعثته، وكان اختياره للنبوّة ترجيحاً على الآخرين بدون مرجِّح.
5 ـ النبيّ راعٍ لأُمّته، وصدور الذنب من الراعي أفحش من ذنب الرعية، ولا يليق عندها للرئاسة الشرعية عليهم.
6 ـ لو لم يكن النبيّ مأموناً من الخطأ والكذب، لزم أن يأمر بما لم يوحَ له، أو يترك شيئاً ممّا أُوحي إليه، وهو نقض للغرض.
فثبت من كلِّ ما تقدّم عصمة الأنبياء (عليهم السلام)، وهو المطلوب.
المصدر: مجلة اليقين، العدد (56)، الصفحة (10).