يطرق على مسامعي في أكثر اللقاءات الاجتماعية مع الأقارب والأصدقاء لفظ بيع (الصرف) وكنت أعلم إجمالاً أنّ تلك الكلمة تدور حول الذهب والفضة أو شيئاً من هذا القبيل، وشاءت الأقدار أن ألتقي بصديق قديم كان لي رفيقاً أيام دراستي الأكاديمية يعمل في سوق الصاغة، وبعد التحية والسلام والتسامر معه حول ذكرياتنا القديمة أيام دراستنا وصبانا ومعرفة حاله ومآله، سألته في أثناء ذلك عن بيع الصرف؟
فقال يا صديقي: هو بيع الذهب أو الفضة، بالذهب أو الفضة ولا فرق بين كونه مسكوكاً كعملة دارجة في الأسواق كما هو حال الأزمان الماضية أم لم يكن كذلك كيومنا هذا.
فسألته: هل يجوز بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة مع الزيادة.
فقال: بحسب معلوماتي لا يجوز كما أمرنا الشرع بذلك.
قلت: وهل يجوز بيع الآلات المحلاة بالذهب إذا كان الذهب ـ الثمن ـ أكثر من الذهب المحلى به الآلة؟
قال: إن قصد البائع والمشتري كون الزائد من الذهب بإزاء نفس الآلة وكانت المعاملة نقدية وإلّا لم يجز.
فقلت: وهل يجوز لي بيع الذهب بالفضة أو بالعكس؟
قال: لا بأس بذلك نقداً بل وحتى لا يعتبر تساويهما في الوزن وأمّا بيع أحدهما بالآخر إلى أجل مسمى فلا يجوز مطلقا على الأظهر بحسب قول مرجعنا آية الله العظمى السيد السيستاني(دام ظله).
فقلت: وهل يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق؟
قال: نعم، فلو لم يتقابضا حتى افترقا بطل البيع ولو تقابضا في بعض المبيع صح فيه وبطل
في الباقي.
فقلت: ولو كان لي دين على زيد فباعه على عمرو بنقد، وقبضه من عمرو، ووكل عمرو زيدا على قبض ما في ذمته ـ ما في ذمة زيد نفسه ـ هل يجوز ذلك؟
قال: بمجرد التوكيل أصبح إشكال في صحة المعاملة، بل لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد من نفسه ويعيّنه في مصداق من المال بعينه قبل التفرّق ـ أي قبل مفارقة عمرو عن زيد.
قلت: هل يجب على المتعاملين بالصرف كلاهما إقباض المبيع أو الثمن؟
قال: لا يجب حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه.
فقلت: ولو كان للمبيع أو الثمن منفعة أو تكونت قبل القبض لمَن تعود حينئذٍ؟
قال: تكون المنفعة حينئذٍ لمَن انتقل عنه المبيع أو الثمن لا لمَن انتقل إليه.
قلت: هل يجوز بيع الآلات المحلاة بالذهب إذا كان الذهب ـ الثمن ـ أكثر من الذهب المحلى به الآلة؟
قال: إن قصد البائع والمشتري كون الزائد من الذهب بإزاء نفس الآلة وكانت المعاملة نقدية وإلّا لم يجز.
فقلت: لو بعت النقد مع غير النقد بنقد صفقة واحدة ولم نتقابض حتى افترقنا ما يكون الحكم بحسب رأي السيد دام ظله؟
قال: صح في غير النقد وبطل في النقد.
قلت: ولو فارقنا المجلس مصطحبين مع بعضنا وتقابضنا قبل الافتراق ما الحكم عندها؟
قال: صح البيع.
فقلت: وهل يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية؟
قال: لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية كالدينار العراقي بالدولار الأمريكي أو الريال السعودي ونحوهما من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض وإن لم يتحقق التقابض قبل الافتراق.
فقلت: وهل فيها زكاة؟
قال: لا زكاة فيها.
فقلت: وإن كان البيع بنفس العملة كالدينار العراقي بالعراقي أو الدولار الأمريكي بالأمريكي وافترقا ولم يتحقق التقابض؟
قال: لا يجوز ذلك.
فقلت: وإن تحقق التقابض قبل الافتراق؟
قال: يجوز حينئذٍ.
قلت: إذا كان لي أوراق نقدية بالدينار في ذمة شخص ما وقلت له حولها لي في ذمتك بالدولار مثلا هل يجوز ذلك؟
قال: صح ذلك إن قبل المديون.
قلت: عندي مكتب صيرفة أبيع فيه العملة الأجنبية (الدولار الأمريكي) بـــ (الدينار العراقي) على أن يدفع الدينار مؤجلا بأقساط شهرية محددة الدفع في تاريخ معين والدولار يباع عليه بأعلى من قيمته السوقية فهل صحيحة هذه المعاملة؟
قال: هي جائزة ولا إشكال فيها.
فقلت: نفس السؤال المتقّدم ولكن صاحب الأقساط يتأخر أحياناً عن السداد لي في موعده المحدد، فهل يجوز منّي فرض غرامة مالية على صاحب الأقساط ـ مشتري العملة الأجنبية ـ بسبب تأخره عن السداد في موعده؟
قال: لا يجوز لأنّه من الربا وهو حرام شرعاً.
فقلت: وما السبيل لدفع الحرمة؟
قال: يمكنك أن تأخذ رهنا من المشتري وتأخذ منه الوكالة في البيع أيضاً وتشترط عليه أنّه إذا لم يأتِ بالثمن في موعده تبيع ما رهنه عندك وتقبض ثمنه حينئذٍ.
فقلت: هذا الطريقة فيها صعوبة؛ لأنّ أغلب المشترين للعملة لا يملكون رهناً ناهيك عمّا ينطوي عليه من تلك العملية من مشاكل كعميلة نقل ملكية الرهن كالسيارة مثلا، فهل من طريق آخر؟
قال: يمكنك أن تبيع الدولار للمدة الطويلة بسعر أغلى يشمل الغرامة المالية أيضاً.
فقلت: هل لي بتوضيح ذلك بمصداق؟
قال: مثلا إذا أراد الشخص شراء (100) دولار منك لمدة شهر ولنفرض أن سعر الـ (100) دولار نقداً بـ (150) ألف عراقي في سوق المال، ولنفرض أنّك تبيعها بـ(160) ألف دينار عراقي آجلا، صح ذلك، وإذا أردت بيعها لمدة ثلاثة أشهر بعتها حينئذٍ ولنفرض بـ (180) ألف عراقي مثلا بزيادة (30) ألف صح أيضاً، وتلتزم أنت للمشتري بأنّه إذا أتى بالثمن بعد شهر قبلت منه بـ(160) ألف عراقي فقط، وإذا أتى به بعد شهرين قبلت منه (170) ألف دينار عراقي، وكأنّما بعت الـ 100دولار بـ 170 ألف دينار لمدة شهرين، وإذا أتى بالثمن بعد ثلاثة أشهر تعينت (180) ألف دينار عراقي في تمام المدة في ضوء بيعك للـ (100) دولار لثلاثة أشهر.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (69)