لعلك قد ظلمت أحداً

يحكى أن في يوم من الأيام كان هناك صياد له زوجة وأولاد، وكان هذا الصياد فقير الحال، ومصدر رزقه الوحيد الصيد، وذات يوم لم يرزقه الله عز وجل بالصيد واستمر هذا الحال لعدة أيام، حتى نفذ الطعام من بيته.

حتى يأس الصياد من كثرة المحاولات فقرر أن تكون هذه المحاولة الأخيرة، نظر الى السماء ودعا الله سبحانه وتعالى ورمى بالشبكة، ثم سحبها فإذا به يرى سمكة كبيرة... فرح الصياد كثيراً بذلك، وأخذ يفكر كيف يصنع بها، هل يطعمها الى أبنائه، أم يبيعها.

وفجأة قطع عليه تفكيره صوت جنود الملك يطلبون منه اعطاءهم السمكة، لأن الملك رآها وأعجب بها كثيراً وأرادها لنفسه، لكن رفض الصياد اعطاءهم السمكة، إلا أنهم اخذوها منه بالقوة.

ودار الزمن دورته وأصيب الملك بمرض الغرغرينة؛ فأخبره الاطباء أنه لا علاج له إلا قطع اصابع رجله، حتى لا ينتشر المرض وينتقل الي باقي جسمه، استعان بأكبر الأطباء في المملكة، ولكن أجمعوا على ضرورة بتر قدمه لأن المرض قد انتقل إليها، عارض الملك الامر بشدة، وبعد فترة كشفوا عن ساقه فوجدوا ان المرض قد انتقل اليها وألحوا على الملك بضرورة قطع ساقه، خوفاً من انتشار المرض أكثر، فاضطر الملك للموافقة وقطعوا له ساقه.

في اليوم الثاني حدثت اضطرابات شديدة في المملكة، تعجب الملك وقال لمستشاريه: اولاً يصيبني هذا المرض اللعين والآن تحدث اضطرابات في المملكة، لماذا كل هذا؟

أجابه أحد الحكماء في ثقة: لعلك قد ظلمت أحداً، أجاب الملك: ولكنني لا اذكر انني قد ظلمت احداً من رعيتي، وفجأة تذكر الملك السمكة الكبيرة التي أخذها جنوده عنوة من الصياد، فأمر بالبحث عن هذا الصياد وإحضاره الى القصر على الفور.

فأحضروه الى القصر، فسأله الملك: أيها الصياد، أصدقني القول، ماذا فعلت عندما أخذ الجنود منك السمكة الكبيرة؟

قال الصياد بخوف وقلق: لم افعل شيئاً، فقال الملك: تكلم ولك الأمان: فاطمأن قلب الصياد وقال: توجهت الى الله عز وجل مناجياً: اللهم لقد أراني قوته عليَّ فأرني قوتك عليه.

الحكمة المستفادة:

علينا الحذر كل الحذر من ظلم العباد، فإن الله تعالى يمهل ولا يهمل، والله تعالى لا يرد دعاء المظلوم، فعن النبي(صلى الله عليه وآله): أنه قال: «اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافراً، فإنه ليس دونه حجاب»[1].

فالحجاب مرفوع عن المظلوم قال الإمام الصادق (عليه السلام): «...إنَّ أَبَانَا رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله) كَانَ يَقُولُ: إِنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ»[2].

وقال (صلوات الله وسلامه عليه): «اتقوا دعوة المظلوم، فإنما يسأل الله تعالى حقه، وإن الله تعالى لم يمنع ذا حق حقه»[3].

المصدر: مجلة بيوت المتقين، العدد (90)، صفحة (30)

 


[1] كنز العمال، المتقي الهندي: ج3، ص500.

[2] الكافي، الشيخ الكليني: ج8، ص9.

[3] كنز العمال، المتقي الهندي: ج3، ص499.