استأجرني أحد سكان المنطقة التي لدي فيها محل عمل ـ أزاول فيه اختصاصي ككهربائي ـ من أجل تغذية بيته الجديد بالكهرباء، وأثناء عملي فيه قدّم لي عصيرا من البرتقال!
فقلت له: إني صائم.
فقال: نحن في شهر شعبان، أعليك قضاء من شهر رمضان الفائت؟
فقلت: لا، بل لأن الصوم من العبادات الشرعية وينطبق عليه عنوان الطاعة والتخضع لله تعالى فيستحب صوم هذه الأيام المباركة.
فقال: يظهر من كلامك أنك تعرف أحكام الصوم أكان صوماً واجباً أو مستحباً.
فقلت: هذا من فضل الله تعالى عليّ.
فقال: هلا فصّلت لي أقسام الصوم بجزأيه الواجب والمستحب؟
قلت: هي أربعة أقسام.
فقال: ما هو القسم الأول؟
فقلت: الأول: الصيام الواجب، وأهم ما وجب في الشريعة من الصوم هو صيام شهر رمضان وصيام قضائه.
فقال: وما هي أنواع الواجب منه؟
فقلت له: يتبادر إلى ذهني الآن ثلاثة منها:
1 ـ صيام الكفارة، وهو صيام في كفارة الإفطار متعمداً في شهر رمضان وفي كفارة الإفطار متعمداً في قضاء رمضان بعد زوال الشمس.
2 ـ الصيام الواجب بالنذر أو اليمين أو العهد.
3 ـ الصيام الواجب بالإيجار، كمن استؤجر في قضاء شهر رمضان عن ميت.
فقال: والقسم الثاني من الصيام؟
فقلت: الصيام المحرّم.
فقال: مثل ماذا؟
قلت: وهو على خمسة أنواع:
1- صيام اليوم الأول من شهر شوال، وهو يوم عيد الفطر.
2 - صيام اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، وهو يوم عيد الأضحى.
3- صيام اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، لمن كان في منى لأداء مناسك الحج مثلاً.
4- صيام يوم الشك في أنه شعبان أورمضان إذا كان بنية رمضان.
5- صيام الزوجة تطوعاً أو لواجب غير معين بدون إذن زوجها إذا كان منافياً لحقه في الاستمتاعات الزوجية، والأحوط لزوماً أن لا تصوم الزوجة تطوعاً إذا نهاها عنه زوجها وان لم يكن منافياً لحقه.
فقال: وما هو القسم الثالث من الصيام؟
قلت: الصيام المكروه ومنه:
1- صيام يوم عرفة (التاسع من ذي الحجة)، لمن خاف أن يضعفه الصوم عن الدعاء فيه.
2- صيام الضيف تطوعاً أو لواجب غير معين بدون إذن مضيّفه.
3 - صيام الولد تطوعاً بدون إذن والده.
فقال: وأخيرا، ما هو القسم الرابع من الصيام؟
فقلت: الصيام المستحب، وهو في سائر أيام السنة، غير ما يجب صومه أو يحرم أو يكره، وقد تتفاوت الأيام في درجة فضيلة الصوم فيها عن غيرها، كما في صيام شهر رجب وشهر شعبان الذي أنا صائم فيه.
فقال: وهل هناك شروط يجب أن تتوفر في المكلف لأجل الصيام المستحب؟
قلت: نعم، وهي:
(1) أن لا يتسبب الصيام في تضرره صحياً.
(2) أن لا يكون مسافراً سفراً فيه تقصّر الصلاة.
(3) أن لا تكون المرأة حائضاً أو نفساء.
(4) أن لا يكون على المكلف قضاء شهر رمضان.
فقال: وإذا كان على المكلف قضاء رمضان فهل يحق له أن ينوب عن ميت في الصيام تبرعاً أو بأجرة؟
قلت: يحق له ذلك في صوم الفريضة (كقضاء شهر رمضان) دون التطوع .
فقال: وكيف يؤتى بالصوم المستحب؟
قلت: لا يختلف الصوم المستحب عن الصوم الواجب في شهر رمضان إلاّ في بعض أمور أذكر بعضها:
1- يجوز التأخير في نية الصيام المستحب إلى قبيل غروب الشمس، هذا إذا لم يكن المكلف قد أتى بشيء من المفطرات في نهاره، ولا يضرّ به أنه لم يكن ناوياً للصيام طيلة النهار، أو أنه كان عازماً على الإفطار مادام لم يتناول المفطّر فعلاً.
2- إن البقاء على حدث الجنابة عمداً إلى آخر الليل لا يمنع من الصوم المستحب في النهار، فمن حصلت له جنابة في الليل وهو يريد أن يصوم في الغد استحباباً لا يلزمه - لكي يصح صومه - أن يغتسل قبل طلوع الفجر.
3- إن الصائم صياماً مستحباً يجوز له أن يلغي صيامه متى شاء قبل الظهر أو بعده ولا شيء عليه.
المصدر: مجلة ولاء الشباب العدد (61)