قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إيّاكُم والكَسَلَ؛ فإنّه مَن كَسِلَ لم يُؤَدِّ حَقَّ اللهِ عَزَّ و جلَّ»[1].
الحياة نمط حركة واستمرارية في الإنتاج والتواصل مع الواقع، والعمل في منظومة أهل البيت جزء لا ينفك عن الحياة التي يريدها الله، لان ضد العمل وهو الكسل، يعني ترك السعي في طاعة الله، وهي تتمثل في أداء كل ما افترض الله، وفيه العبادة المخصوصة وصلة الرحم والإحسان للناس والسعي في قضاء حوائج المؤمنين، وصيام شهر رمضان، وحج بيت الله الحرام، وكل هذا -وهو اقل القليل- لا ينهض به كسول.
والواقع أن الكسل انسياق مع رغبة النفس وطفوليتها، وتوجهها نحو الركون إلى عدم تحمل المسؤولية، وهذا الأمر يضاد استخلاف الإنسان في الأرض، والذي هو مما وعد الله عباده المؤمنين وذلك في قوله: (وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ)[2].
وان كان الإنسان هو المستخلف في الأرض، وهو المخاطب بحمل الأمانة، كما جاء ذلك في قوله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ)[3]، فإن تحمل هذه الأمانة الإلهية يستدعي القيام بجميع لوازمها ومعطياتها، وهذا أمر يعجز عنه الكسول، لأنها ليست أمانة سهلة خفيفة، كيف وقد أشفقت السماوات والأرض والجبال منها، وهذا معناه أن الإنسان إذا أراد أن يكون على قدر المسؤولية تجاه ما أنيط به من المهام الدينية وغيرها لابد أن يكون ذا همة عالية وذا جدٍّ واجتهاد مستمر فإنه «من كسل لم يؤد حق الله عز وجل».
وخلاصة الكلام، أن الإسلام دين يرفض الكسل والتواكل، ويدعوا إلى العمل والحركة والإنتاج، وهذا يدعونا ككل إلى أن نعمل ونتطور عملاً بدعوة الدين، وهي دعوة لعمارة الأرض بطاعة الله كما قال عز من قائل: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فيها فاستغفروه ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ)[4].
مجلة ولاء الشباب العدد (58)