الجاينيّة أو اليانيّة ـ كما تُعرف أيضاً باسم (جاين دارما) ـ هي ديانة هندية قديمة، ويُطلق على أتباع هذه الديانة اسم (اليانيّون)، أو (الجاينيّون)، وهي كلمة مشتقّة من الكلمة السنسكريتية (هي لغة قديمة في الهند، وهي لغة طقوسية للهندوسية، والبوذية، والجاينية وغيرها)، و(جينا) تعني: المنتصر، وتُشير إلى طريق النصر بعد تجاوز تيّار الحياة والانبعاث من جديد من خلال حياةٍ أخلاقيّةٍ وروحيّةٍ.
يعود تاريخ اليانيّين إلى سلسلةٍ من أربعٍ وعشرين منقذاً، والمعروفون باسم (تيرثانكارس) واسم الأوّل منهم هو (ريشاباناثا)، والذي عاش ـ حسب المعتقدات الجاينية ـ قبلَ ملايين السنين، والأخير من هؤلاء الأربع والعشرين منقذاً هو (ماهافيرا) الذي عاش القرن الساس قبل الميلاد.
يؤمنُ (اليانيّون) أنّ الجاينية هي دارما أبدية يدير فيها الـ (تيرثانكارس) كلّ دورة حياة لليانيّة الكونيّة.
مصطلح الدارما
مصطلح يُشير إلى الترتيب الخفي أو ما يُدعى بالمخلوقات والحياة التي تسير وفقاً لهذا النظام والترتيب.
والدارما أخلاقيّاً تعني الطريقة الصحيحة في العيش أو التواصل الصحيح خصوصاً ضمن مفهومٍ دينيّ وروحانيّ.
بالنّسبة للروحانيّة والمدارس الصوفيّة، فإنّ الدارما يمكن اعتبارها طريق الحقيقة العليا، وتشكّل الدارما المصطلح الأساس ضمن الديانات الدارمية الناشئة في شبه الجزيرة الهندية بما فيها الهندوسية (سانتانا دارما)، والبوذية (بوذادارما)، والجاينية (جاينا دارما)، جميع هذه الأديان تؤكّد على الدارما (الفهم الصحيح للطبيعة) في تعليماتها.
فلسفة الجاينية
تتمركز الفلسفة الجاينيّة المعروفة باسم الجين دراهما حول الحقائق الكونية الخالدة، مع الوقت تختفي هذه الحقائق وتعود إلى الظهور من خلال التعليمات الخاصّة بالمتنورين من البشر، الذين وصلوا إلى المعرفة الكاملة أو التنوير الكامل.
تُعلّم الجاينية أنّ الإنسان مسؤول عن تصرفاته، وأنّ كلّ كائن حي له روح خالدة، وتصرّ الجاينيّة على التفكير والعيش والعمل بشرف وباحترام للطبيعة الروحية لكلّ الحياة.
القواعد الأساسيّة
للديانة الجاينيّة قاعدتان وهي (آهيسما) أو اللاعنف، (الأنيكانتافادا)، أو الواقع متعدّد الجوانب، وقد أثّرت هاتان القاعدتان على الثقافة الجاينيّة بطرقٍ عديدةٍ، مثل أن تؤدي إلى نمط حياةٍ نباتيّ في الغالب يتجنب الأذى للحيوانات ودورات حياتها، وشعارُ الجاينية هو: وظيفة الأرواح هي مساعدة بعضهم البعض.
التقاليد الجاينيّة ومهرجاناتهم
تملك الجاينية اثنين من التقاليد القديمة الرئيسة (الديغامبارس)، و(السفيتامبارس)، والعديدَ من التقاليد الفرعيّة الأصغر التي ظهرت في الألفية الثانية بعد الميلاد. تقاليد (الديغامبارس، والسفيتامبارس) لها وجهات نظر مختلفة حول ممارسات التقشّف والنوع الجنسي، وممارسات أُخرى تعتبرها النصوص الجاينية أساسيّة.
أمّا مهرجاناتهم فأهمّ المهرجانات الخاصّة بالديانة الجاينية هي (الباريوشان)، و(الداسلاكشانا)، و(الماهافير جايانتي) و(الديوالي).
عددهم وأماكن تواجدهم
لدى الجاينيّة ما يقارب الأربعة إلى خمسة ملايين متّبع حول العالم، معظمهم يتواجدون في الهند، وأكبر تجمّعات للديانة الجاينية حول العالم بعدَ الهند هي في كندا، وأوروبا، وكينيا، والمملكة المتّحدة، وهونغ كونغ، وسورينام، وفي الولايات المتّحدة الأمريكيّة.
الزهد
تتميّز الجاينيّة بأشدّ تقاليد الزهد تقشفاً بين الأديان الهندية الكبرى، وهي جزء أساس من الانكباب والسعي الروحي للمتدينين في فقه التسول الديني عندهم.
الصيام والطعام
تمتثل الثقافة الجاينيّة لقواعد نباتية محددة، ويعود ذلك إلى مبدأ اللاعنف تجاه جميع الكائنات الحيّة الراسخ في جوهر العقيدة الجاينيّة، يتبع معظم الجاينيين النباتية اللبنية، فيُمنع تناول البيض، مع السماح بمنتجات الألبان، ولكن يُفضل الامتناع عن تناول منتجات الألبان في حال تعرّض الحيوانات للعنف خلال عملية إنتاج هذه المنتجات.
لا يتناول الراهبات والرهبان الخضراوات الجذرية على غرار البطاطا والبصل والثوم؛ وذلك لتعرّض المخلوقات الحيّة الدقيقة للأذى خلال عملية قطاف هذا النوع من الخضراوات، كما يُنظر إلى قدرة الدرنات أو البصلات على التبرعم على أنّها ذات مرتبة أعلى بين الكائنات الحيّة.
وأمّا الصيام فيصوم الجاينيون في أوقاتٍ محددة من السنةِ خاصةً خلال المهرجانات، وتدعى هذه الممارسة (أوبافاسا، تاباسيا) أو (فراتا)[1].
واخيراً تقيّم هذه الديانة بأنها من الديانات البشرية التي لا ترتبط بالسماء، وليس لها حقيقة وراء تعاليمهم البشرية.
المصدر: مجلة اليقين العدد (67)