تُعتبر الضيافة من أجلى مظاهر الكرم، وهي من الصفات الّتي تغنَّى بها الشعراء، وخلّدت أناساً في كتب التاريخ، وفوق هذا كلّه فالضيافة ممّا ندبت إليها الشريعة الإسلاميّة، وحثّت عليها الديانات الإلهيّة، وهي وسيلة من الوسائل إلى رضا الله تعالى، وفي الرواية أنّ الإمام عليّ (عليه السلام) سأل العلاء بن زياد لمّا رأى سعة داره: (ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا وأنت إليها في الآخرة كنت أحوج؟ بلى إن شئت بلغت بها الآخرة: تقري بها الضيف، وتصل فيها الرحم، وتطلع منها الحقوق مطالعها فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة)[1].
فضل إكرام الضيف: كثُرت الروايات الّتي تتحدّث عن لزوم إكرام الضيف الداخل إلى دار الإنسان، منها ما روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه)[2].
بل إنّ من أفضل موارد الإنفاق لمن آتاه الله المال والسعة هي إكرام الضيوف بما يدخل فيه السرور إلى قلوبهم، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (من آتاه الله مالاً فليصل به القرابة وليحسن منه الضيافة). [3]
ومن فضل الله تعالى على المؤمنين أنّه جعل الرزق في دخول الضيف إلى المنزل، فمن كان يخاف العُسر من كثرة الضيوف فعليه أن يثق بما وعد به الله تعالى على لسان رسوله المصطفى (صلى الله عليه وآله)، حيث روي عنه أنّه قال: (الرزق أسرع إلى من يُطعم الطعام من السكّين في السنام)[4].
آداب المضيف:
بعض الناس يظن أن إكرام الضيف يقتصر على إطعامه الطعام فحسب، لكن مفهوم الضيافة وإكرام الضيف في الإسلام أشمل من معنى الإطعام وأوسع؛ إذ يدخل في إكرام الضيف ملاطفته وإيناسه، وحسن استقباله، والإقبال إليه بالوجه إذا تحدث. روي: أن علياً (عليه السلام) كان يأكل تمراً مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكان (صلى الله عليه وآله) يضع النوى أمام علي (ع)، فلما كثر النوى، قال (صلى الله عليه وآله) لعلي: إنك لأكول، فقال علي (عليه السلام): الأكول من يأكل التمر ونواه)[5].